وتفقه بصالح بن عمر البريهي، ومحمد بن عبد الله بن محمد الحضرمي مفتي زبيد، وأبي بكر بن جبريل العدلي-باللام-وغيرهم.
وأخذ الحديث عن أحمد بن أبي الخير بن منصور، وإبراهيم بن عمر العلوي، وعمر بن علي الشعبي، والنحو عن أحمد بن أبي بكر الرقبي، ومهر في جميع هذه العلوم، وشارك في غيرها.
وكان إماما محققا مدققا، فصحيا شاعرا مترسلا، يخترع المعاني الغريبة، ويرتجل الخطب العجيبة، مع الاجتهاد في النسك والعبادة؛ من كثرة التلاوة للقرآن، مساعدا لطالب العلم، فانتفع به عالم لا يحصون كثرة، حتى لا يكاد يوجد بعده في جميع جهات وصاب فقيه إلا وهو تلميذه وتلميذ تلميذه.
وله المصنفات العجيبة؛ ككتاب «النظم والبيان»، وكتاب «الاعتبار لذوي الأبصار»، وكتاب «الإرشاد للأمراء والعلماء والمتعلمين والمتنسكين والعبّاد»، وكتاب «البلغة في اللغة»، توفي قبل تهذيبه وترتيبه، فرتبه حفيده عبد القدوس محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، وزاد فيه زيادات معلومة، وله غير ذلك من الكتب المفيدة والفتاوى الحسنة، وديوان شعره في مجلدين ضخمين، كله في الأدعية والمواعظ والاستغفار ومدح الرسول عليه الصلاة والسلام.
وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويجاهر الولاة بالزجر عن المعاصي، وولي القضاء في جميع جهات وصاب، وكان لا تأخذه في الله لومة لائم.
وله منامات عجيبة، منها: رأى في المنام وكوشف بوقت موته قبل موته بسنين عديدة.
وقال في قصيدته العينية التي أنشأها بعد الأربعين وسبع مائة يخاطب نفسه فيها:[من الطويل]
إذا ما انقضى السبع المئين وبعدها ... ثمانون فاعلم أن موتك واقع
قال حفيده عبد القدوس محمد بن أحمد بن عبد الرحمن: قرأتها عليه مرارا، وباحثته عن ذلك، فقال: هو ما أقول، فقلت له: من أين أخذت؟ قال: شيء لا بد منه ذلك الوقت.
قال: وذكر ذلك في قصائد كثيرة ينعى نفسه للوقت الذي مات فيه.
وتوفي يوم السبت لست ليال خلون من جمادى الآخرة سنة ثمانين وسبع مائة.