ولد المذكور بغيل أبي وزير سنة أربع وثمان مائة فيما أظن، ويوم ولادته عزل والده القاضي مسعود عن قضاء الشحر، فكان يتيمن به.
ونقل القرآن ببلده، واشتغل ببلده على والده، ثم ارتحل إلى عدن للأخذ عن القاضي محمد بن سعيد كبّن، فقرأ عليه ولازمه وانقطع إليه، قرأ عليه «التنبيه» و «المنهاج» و «الحاوي» وحصّل الجميع بخطه، وحشى النّسخ المذكور من شروح الكتب المذكورة، وقرأ عليه غيرها من كتب الفقه والحديث والتفسير كثيرا، ولازم القاضي ابن كبن إلى أن مات، ولبس الخرقة الشاذلية.
وكان لديه شيء من حطام الدنيا يتسبب فيه بالتجارة والتسفير، ويستعف به عن الحاجة إلى الناس، ولما بنيت المدرسة الظاهرية بعدن .. رتب فيها معيدا.
ولما توفي شيخه، وولي القضاء ابنه عبد العزيز بن القاضي محمد بن سعيد كبّن، وكان قاصر اليد في الفقه .. فكان القاضي محمد بن مسعود قائما بحجته، ومراعيا له، وربما جلس قريبا منه في مجلس الحكم لينبهه على ما غمض من المسائل، كل ذلك رعاية لحق والده، ولما صودر القاضي عبد العزيز المذكور، وباع كتبه وأثاث بيته في المصادرة ..
اشترى منه القاضي أبو شكيل المذكور كثيرا من كتب شيخه ومن أثاث البيت، واشترى منه داره التي كان يسكنها شيخه.
وولي القضاء بعدن في الدولة المسعودية في شهر رمضان في سنة سبع وأربعين، ثم عزل في ذي القعدة من سنة إحدى وخمسين، ثم أعيد إلى القضاء في شهر رمضان من سنة اثنتين وخمسين وثمان مائة في الدولة المسعودية أيضا، واستمر فيه إلى سنة إحدى وستين وثمان مائة، ثم صرف عنه في الدولة الظاهرية في سنة إحدى وستين وثمان مائة.
وصنف على «المنهاج» شرحا مفيدا جمع فيه بين كلام الإسنوي والسبكي والأذرعي وابن النحوي في شروحهم، وسلك فيه أسلوبا غريبا لم يعهد مثله في الشروح، بلغ فيه إلى خيار النكاح ومات عنه مسودة، فبيضه حفيده عمر بن عبد الرحمن أبو شكيل، سمعت الوالد رحمه الله يقول: إنه شرح جيد لم يوضع مثله على «المنهاج»، لو تم .. لأغنى عن كل شرح، وكان تصنيفه له في حياة شيخه.
يحكى أنه رأى في المنام كأن الشيخين الرافعي والنووي يعطيانه ورقا وأقلاما، فقص الرؤيا على شيخه ابن كبن، فقال له القاضي ابن كبّن: الشيخان يلتمسان منك شرحا على