للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالدخول، فدخلها يوم [ .... ] (١) أواخر ربيع الأول، وخرج الأمير إلى الباب لملاقاته، فنزلا جميعا إلى دار السعادة وقد هيأ بها ضيافة عظيمة حضر فيها غالب أعيان البلد والجند، وأسكنه في بيت من بيوت دار السعادة السفلى البحرية، فكان لا يدخل على الشيخ أحد من الناس إلا بعلم الأمير، وربما أنه يدخل معه أحد من أصحاب الأمير في الظاهر كالمستأذن له على الشيخ، وفي الباطن متجسسا لما يصدر منه مع الشيخ، فضاق حال الشيخ من ذلك، ولم يزل يتلطف بالأمير حتى أذن له بالانتقال إلى دار الزيبق وهو مظهر الانقياد لأمر الأمير واتباع رأيه وأنه متى أمره بالخروج من البلد .. خرج، وما يريد من الأمير إلا أن يجهزه بما لا بد منه من مؤن سفره وأهبة طريقه، ويحضر كل يوم عند الأمير على الغداء والعشاء، وعند بروز الأمير يأتي إليه من طريق الممشى.

هذا، وفي الباطن يجتمع بجمع من العسكر وكبراءهم ويختلي بهم، ويستميلهم في القيام معه ونصرته، ويعدهم ويمنيهم، فكل منهم يقول: لا يمكننا إظهار القيام معك إلا إن كان معك يافع؛ لأنهم كانوا أكثر أهل البلد عدة وعددا، فلم يزل يستميل ويخيل لكبار يافع ويعدهم ويمنيهم حتى مالوا معه وحلف لهم وحلفوا له، وربما كان الواسطة بينهم وبينه في ذلك الشريف علي بن سعيد الحسيني؛ فإنه شمر في القيام مع الشيخ تشميرا كاد أن يكون فيه هلاكه لولا حماية الله له ببركة سلفه.

فلما توثق من يافع ومن عبيد اللوى والحبالية وغيرهم-ما خلا العبيد-بما طابت به نفسه وربما استحس الأمير بشيء من ذلك .. لازمه في الخروج من عدن، فاعتذر بأن ما عنده شيء من المال ولا الجند، ولا يمكنه الطلوع إلى الجبل إلا بجند كثيف ومال جزيل، ومراده أنه إذا أعطاه ذلك .. استعان به على محاربة الأمير، ولم يمكنه الأمير من شيء مما ذكر، وهم عبد الله بن عبد النبي وغيره من أصحاب الأمير بلزم الشيخ أو بقتله في الجامع، فأدخلوا الحسيني الكردي المقصورة ليفتك بالشيخ لزما أو قتلا، الله أعلم بما في صدورهم، ويقال: كان ذلك من غير علم الأمير؛ فإن الأمير منذ دخل الشيخ عدن لم يصل الجمعة البتة، والظاهر أنه كان به مرض [ .... ] (٢) عن الناس، فجاء من حذّر الشيخ، فلم يصل الجمعة في ذلك اليوم.

وفي يوم الاثنين: أظهر الشيخ المنابذة والمخالفة للأمير، وأطبقت معه تابعة البلد


(١) بياض في الأصول.
(٢) بياض في الأصول، ولعل النقص كلمة: (فاحتجب).

<<  <  ج: ص:  >  >>