للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسلم قديما قبل دخول النبي صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم، أسلم هو وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة ابن الجراح وأبو سلمة وعبد الله بن الأرقم وعثمان بن مظعون رضي الله عنهم في وقت واحد، وهاجر عبيدة مع أخويه الطّفيل والحصين ابني الحارث، ومع مسطح بن أثاثة بن عباد المطلبي إلى المدينة، ونزلوا على عبد الله بن سلمة العجلاني، وكان لعبيدة قدر ومنزلة عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

قال ابن إسحاق: أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالمدينة بعد عوده من غزوة ودّان بقية صفر وصدرا من شهر ربيع الأول من السنة الثانية، وبعث في مقامه ذلك عبيدة بن الحارث في ستين راكبا من المهاجرين ليس فيهم أنصاري، وعقد له اللواء، وكان أول لواء عقده رسول الله صلّى الله عليه وسلم (١)، فالتقى عبيدة والمشركون بثنيّتي المرار (٢)، وكان على المشركين أبو سفيان بن حرب، وكان هذا أول قتال جرى في الإسلام، وكان أول من رمى بسهم في سبيل الله سعد بن أبي وقاص.

ثم شهد عبيدة بدرا-وهو أسن من شهد بدرا من المسلمين-وبارز عتبة بن ربيعة، فاختلفا ضربتين، كلاهما أثبت صاحبه، وبارز حمزة شيبة بن ربيعة فقتله مكانه، وبارز علي الوليد بن عتبة فقتله مكانه، وكرا على عتبة فذففاه، واحتملا عبيدة وحازاه إلى أصحابه.

وتوفي بالصّفراء وهم راجعون من بدر، وعمره ثلاث وستون سنة.

وكان رحمه الله مربوعا حسن الوجه.

قيل: إن النبي صلّى الله عليه وسلم نزل بأصحابه بالصفراء، قالوا: إنا نجد ريح المسك، قال: «وما يمنعه وههنا قبر أبي معاوية؟ ! » رضي الله عنه.


(١) قال ابن كثير في «البداية والنهاية» (٣/ ٢٥٨) بعد أن ساق كلام ابن إسحاق: (وقد خالفه الزهري وموسى بن عقبة والواقدي؛ فذهبوا إلى أن بعث حمزة قبل بعث عبيدة بن الحارث، والله أعلم)، ثم ذكر أنه كان على رأس سبعة أشهر من الهجرة، وانظر الكلام في ترجمة سيدنا حمزة (ص ١٣)، و «مغازي الواقدي» (١/ ٢)، و «سيرة ابن هشام» (٢/ ٥٩٥).
(٢) في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٥٩١)، و «سير أعلام النبلاء» (١/ ٢٥٦)، و «تاريخ الطبري» (٢/ ٤٠٣): (ثنية المرة)، وذكروا أنه لم يكن بين المسلمين والمشركين إلا الرمي، ولم يحصل قتال بينهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>