للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرض، فاستجار بروح بن زنباع وكان في ضيافته، وبقي عنده سنة، فسمر روح ليلة عند عبد الملك بن مروان، فتذاكرا شعر عمران هذا، فلما انصرف روح .. تحدث مع عمران بما جرى وهو لا يعرفه، فأنشده القصيدة كلها، فلما عاد روح إلى عبد الملك .. قال: إن في ضيافتي رجلا ما سمعت حديثا قط إلا وحدثني به وبأحسن منه، ولقد أنشدني تلك القصيدة كلها، فقال له عبد الملك: صفه لي، فوصفه له، فقال: إنك تصف عمران بن حطان، اعرض عليه أن يلقاني، فعرض عليه روح ذلك فأبى، وهرب إلى الجزيرة، ثم إلى عمان فأكرموه، وكتب إلى روح: [من البسيط]

يا روح كم من كريم قد نزلت به ... قد ظن ظنّك من لخم وغسان

حي إذا خفته زايلت منزله ... من بعد ما قيل عمران بن حطّان

قد كنت ضيفك حولا ما تروّعني ... فيه طوارق من إنس ولا جان

حتى أردت بي العظمى فأوحشني ... ما يوحش الناس من خوف ابن مروان

لو كنت مستغفرا يوما لطاغية ... كنت المقدّم في سر وإعلان

قال قتادة: لقيني عمران بن حطان فقال: يا أعمى؛ احفظ هذه الأبيات: [من الكامل]

حتى متى تسقى النفوس بكأسها ... ريب المنون وأنت لاه ترتع

أفقد رضيت بأن تعلّل بالمنى ... وإلى المنية كل يوم تدفع

أحلام نوم أو كظلّ زائل ... إن اللبيب بمثلها لا يخدع

فتزوّدنّ ليوم فقرك دائبا ... واجمع لنفسك لا لغيرك تجمع

قال الذهبي: وبلغنا أن الثوري كثيرا ما كان يتمثل بأبيات عمران هذه: [من الطويل]

أرى أشقياء الناس لا يسأمونها ... على أنهم فيها عراة وجوّع

أراها وإن كانت تحبّ فإنها ... سحابة صيف عن قليل تقشع

كركب قضوا حاجاتهم وترحّلوا ... طريقهم بادي العلامة مهيع (١)

توفي عمران سنة أربع وثمانين، وروى له البخاري فيما أظن (٢).

قلت: وفي «التقريب» لشيخ الإسلام ابن حجر: (عمران بن حطان-بكسر الحاء


(١) «سير أعلام النبلاء» (٤/ ٢١٦).
(٢) أخرج له حديثين: (٥٨٣٥)، و (٥٩٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>