للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان الشعبي مزاحا، قال له الحجاج يوما: كم عطاءك؟ أي: بالنصب، قال:

ألفين، فقال له الحجاج: كم عطاؤك؟ أي: بالرفع، فقال: ألفان، فقال له: كيف لحنت أولا؟ قال: لحن الأمير فلحنت، فلما أعرب .. أعربت، ولا يحسن أن يلحن الأمير فأعرب أنا، فاستحسن ذلك منه وأجازه.

وتحاكم إليه مرة رجل وزوجته، فحكم للمرأة على الرجل، فقال الرجل: [من مجزوء الرمل]

فتن الشعبيّ لما ... رفع الطّرف إليها

.. في أبيات، فمر الشعبي بشخص وهو يقول:

فتن الشعبي لمّا

ثم التفت فرأى الشعبي، فسكت استحياء، فأتم الشعبي البيت وقال:

....... لما ... رفع الطرف إليها

دخل الشعبي على الحجاج بعد هزيمة ابن الأشعث، وكان الشعبي من جملة من خرج مع ابن الأشعث، فقال له الحجاج: أدب وافر، وعقل نافر، فقال: صدق الأمير؛ العقل غريزة، والأدب تكلف، ولولا أنتم معشر الملوك .. ما تأدبنا، قال الحجاج: فالمنّة لنا في ذلك دونكم، قال: صدق الأمير.

يروى: أنه قال: ما أروي-أو ما أحفظ-شيئا أقل من الشعر، ولو شئت أن أنشده شهرا ولا أعيد شيئا .. لفعلت.

يقال: إن عبد الملك قال له يوما: أنشدني أحكم ما قالت العرب وأوجزه، فقال: قول امرئ القيس: [من البسيط]

صبّت عليه وما تنصبّ من أمم ... إن الشقاء على الأشقين مصبوب

وقول زهير: [من الطويل]

ومن يجعل المعروف من دون عرضه ... يفره ومن لم يتق الشتم يشتم

وقول النابغة: [من الطويل]

ولست بمستبق أخا لا تلمّه ... على شعث أيّ الرجال المهذّب

<<  <  ج: ص:  >  >>