للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان من فحول شعراء الإسلام، وكان بينه وبين الفرزدق مهاجاة، وهو أشعر من الفرزدق عند أكثرهم.

وكان عمر بن عبد العزيز لا يأذن لأحد من الشعراء أن يدخل عليه إلا جريرا؛ وذلك لسلامة شعره من الهجو والبذاء.

وأجمعوا على أنه ليس في متقدمي شعراء الإسلام مثل جرير والفرزدق والأخطل، كما أن ليس في متأخريهم مثل أبي تمام والبحتري والمتنبي، وأن أرجح الثلاثة المتقدمين جرير؛ لأن بيوت الشعر فخر ومدح وهجاء وتشبيب، وقد فاقهم جرير في الفخر بقوله: [من الوافر]

إذا غضبت عليك بنو تميم ... حسبت الناس كلهم غضابا

وفي المدح ما أنشده لعبد الملك بن مروان: [من الوافر]

أتصحو أم فؤادك غير صاح ... عشية همّ صحبك بالرواح

تقول العاذلات علاك شيب ... أهذا الشيب يمنعني مراحي

تعزّت أمّ حزرة ثم قالت ... رأيت الموردين ذوي لقاح

ثقي بالله ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنجاح

سأشكر أن رددت إلي ريشي ... وأثبتّ القوادم في جناحي

ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح

قال جرير: وكان عبد الملك متكئا فاستوى جالسا وقال: من مدحنا .. فليمدحنا بمثل ذلك أو ليسكت، وقال: يا جرير؛ أترى أم حزرة يرويها مائة ناقة من نعم بني كلب، فقلت: إن لم يروها .. فلا أرواها الله، فأمر لي بها سود الحدق، وأمر لي بثمانية رعاء، وكان بين يديه صحاف من ذهب وبيده قضيب، فقلت: يا أمير المؤمنين؛ والمحلب وأشرت إلى أحد الصحاف، فنبذها إليّ وقال: خذها لا نفعتك.

وفي الهجاء بقوله: [من الوافر]

فغضّ الطرف إنك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا

وفي التشبيب قوله: [من البسيط]

إن العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعف خلق الله أركانا

قال مسعود بن بشر لابن مناذر: من أشعر الناس؟ قال: من إذا شبب .. لعب، وإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>