للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعلمه أن أبا مسلم الخراساني يدعو إلى إبراهيم بن محمد، فكتب مروان إلى الوليد بن معاوية بن عبد الملك وهو عامله على دمشق: أن يكتب إلى عامل البلقاء ليسير إلى كداب والحميمة، ويأخذ إبراهيم بن محمد فيقيده وثاقا، ويبعث به في خيل إلى مروان، ففعل به ذلك، فحبسه مروان بحران، فبقي محبوسا شهرين، ومات بالطاعون، وقيل: بل قتل (١).

ولما حمل إبراهيم بن محمد الإمام إلى مروان .. شيعه أهله، فنعى إليهم نفسه، وأمرهم بالمسير إلى الكوفة مع أخيه أبي العباس السفاح، وجعله الخليفة من بعده، ويقال: إن بعض الشيعة احتال، فأتى إلى مروان بن محمد مستظلما من إبراهيم بن محمد، يزعم أن له دينا على إبراهيم، وأن مروان حبسه قبل أن يسلم إليه دينه، فأرسل معه مروان إلى إبراهيم وهو في الحبس ليوفي الرجل دينه، فلما دخل الشيعي الحبس .. قال لإبراهيم:

يا فاعل، يا تارك تأخذ حقي وإلى من تكلني، فقال له إلى ابن الحارثية؛ يعني: أخاه السفاح، فخرج الشيعي وأعلم أصحابه أن إبراهيم الإمام جعل الأمر بعده إلى أخيه السفاح (٢).

وفيها: وثب محمد بن خالد القسري بالكوفة، فسود وأخذها لبني العباس، وسار قحطبة في شرقي الفرات، فالتقى هو ويزيد بن عمر بن هبيرة بفم الزاب على الفلوجة العليا، فاقتتلوا ساعة من الليل، ثم انهزم ابن هبيرة ومضى إلى واسط، وخلى معسكره بما فيه من المال والسلاح، وأمر قحطبة أصحابه أن يعبروا الفرات، فعبروا مخاضة، وغرق قحطبة بعد أن أوصى: إن دخلتم الكوفة وقد حدث بي حادث .. فوزير الإمام أبو سلمة الخلال، فسلموا الأمر إليه، فلما غرق قحطبة .. ولوا أمرهم ابنه حميد بن قحطبة إلى أن جاء أخوه الحسن بن قحطبة، فقام بأمر الناس، ودخل الحسن وحميد ابنا قحطبة الكوفة، فسلموا الأمر إلى أبي سلمة الخلال كما أوصاهم به قحطبة (٣).

ولما حبس إبراهيم بن محمد الإمام بحران .. سار أبو العباس السفاح في جماعة من أصحابه من كداب والحميمة إلى الكوفة، ودخلها سرا، واختفوا في بني أود، وعلم أبو سلمة الخلال بوصولهم، وتغافل عن ذلك كأنه لم يعلم، وهمّ بتحويل الأمر إلى آل


(١) «تاريخ الطبري» (٧/ ٣٦٩)، و «المنتظم» (٤/ ٧٣٥)، و «البداية والنهاية» (٤٤٥/ ١٠، ٤٥٣).
(٢) «المنتظم» (٤/ ٤٩٣)، و «البداية والنهاية» (١٠/ ٦١٩).
(٣) «تاريخ الطبري» (٧/ ٤١٧)، و «الكامل في التاريخ» (٤/ ٣٩٧)، و «البداية والنهاية» (١٠/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>