للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن ذكر بعضهم: أن له رسائل وخطبا وتفسيرا وكتابا في الرد على القدر، فالله أعلم بصحة ذلك (١).

وكان من العبادة والزهد والتأدب بآداب الكتاب والسنة كما وصفه الحسن البصري، وقد سئل عنه فقال للسائل: سألت عن رجل كأن الملائكة أدبته والأنبياء ربته، إن قام بأمر ..

قعد به، وإن قعد بأمر .. قام به، وإن أمر بشيء .. كان ألزم الناس له، وإن نهى عن شيء .. كان أترك الناس له، ما رأيت ظاهرا أشبه بباطن ولا باطنا أشبه بظاهر منه؟

كان صديقا للمنصور قبل الخلافة، فدخل على المنصور أيام خلافته فقربه، وقال:

عظني، فقال: إن هذا الأمر الذي في يدك لو بقي في يد أحد ممن كان قبلك .. لم يصل إليك، فاحذر من ليلة تتمخض بيوم لا ليلة بعده، وغير ذلك من المواعظ، فلما أراد النهوض .. قال له المنصور: قد أمرنا لك بعشرة آلاف درهم، قال: لا حاجة لي فيها، قال: والله؛ لتأخذها، قال: والله؛ لا آخذها، وكان المهدي حاضرا، فقال: يحلف أمير المؤمنين، وتحلف أنت؟ ! فقال عمرو للمنصور: من هذا الفتى؟ قال: هذا المهدي ولدي وولي عهدي، فقال: أما لقد ألبسته لباسا ما هو من لباس الأبرار، وسميته باسم ما استحقه، ومهدت له أمرا أمتع ما يكون به أشغل ما يكون عنه، ثم التفت إلى المهدي قال: نعم يا ولدي؛ إذا حلف أبوك .. أحنثه عمك؛ لأن أباك أقوى على الكفارات من عمك، فقال له المنصور: هل من حاجة؟ قال: لا تبعث إلي حتى آتيك، قال: إذا لا نلتقي، قال عمرو: وهي حاجتي، فأتبعه المنصور بصره وقال: [من مجزوء الرمل]

كلكم يمشي رويد ... كلكم يطلب صيد

غير عمرو بن عبيد

توفي سنة أربع وأربعين ومائة وهو راجع من مكة بموضع يقال له: مرّان-بفتح الميم وتشديد الراء-وهو الموضع الذي دفن فيه تميم بن مر الذي ينسب إليه بنو تميم القبيلة المشهورة، ورثاه المنصور بقوله: [من الكامل]

صلّى الإله عليك من متوسد ... قبرا مررت به على مرّان

قبرا تضمن مؤمنا متحنفا ... صدق الإله ودان بالعرفان

لو أن هذا الدهر أبقى صالحا ... أبقى لنا عمرا أبا عثمان


(١) قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (٦/ ١٠٦): (وله كتاب «العدل والتوحيد»، وكتاب «الرد على القدرية»، يريد السنة).

<<  <  ج: ص:  >  >>