للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا نحن نخشى أن يخيب رجاؤنا ... إليك ولكن أهنأ العيش عاجله

فقال له المهدي: كم قصيدتك هذه من بيت؟ قال: سبعون بيتا، قال: فلك سبعون ألف درهم، لا تتم إنشادك حتى تحضر، فأنشد القصيدة، وقبض المال وانصرف.

قال ابن المعتز: وأجود ما قاله مروان قصيدته الغراء اللامية التي يمدح بها معن بن زائدة الشيباني، يقال: أعطاه عليها مالا كثيرا لا يقدر قدره، وقصيدته اللامية المذكورة نحو ستين بيتا، ومنها: قوله: [من الطويل]

بنو مطر يوم اللقاء كأنهم ... أسود لهم في بطن خفّان أشبل

هم يمنعون الجار حتى كأنما ... لجارهم بين السّماكين منزل

بهاليل في الإسلام سادوا ولم يكن ... كأولهم في الجاهلية أول

هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا ... أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا

وله في مدائح معن ومراثيه كل معنى بديع، وقد ذكرنا بعض ذلك في ترجمة معن في سنة إحدى وخمسين ومائة (١).

ويحكى: أن ولدا لمروان بن أبي حفصة دخل على شراحيل بن معن بن زائدة فأنشده: [من البسيط]

أيا شراحيل بن معن بن زائدة ... يا أكرم الناس من عجم ومن عرب

أعطى أبوك أبي مالا فعاش به ... فأعطني مثل ما أعطى أبوك أبي

ما حل أرضا أبي ثاو أبوك بها ... إلا وأعطاه قنطارا من الذهب

قال الشيخ اليافعي: (هكذا صواب هذا البيت وإن كان بعض ألفاظه يخل بوزنه في الأصل المنقول منه) اه‍ (٢) فأعطاه شراحيل قنطارا من الذهب.

ومما يقرب من ذلك ما روي: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما حبس الحطيئة؛ لبذاءة لسانه على الناس .. كتب إليه الحطيئة: [من البسيط]

ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ... حمر الحواصل لا ماء ولا شجر

ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة ... فارحم هداك مليك الناس يا عمر


(١) انظر (٢/ ١٧٥).
(٢) «مرآة الجنان» (١/ ٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>