كان عابدا صالحا جوادا حليما كبير القدر، وهو أحد الأئمة الاثني عشر المعصومين في اعتقاد الإمامية، كان يدعى العبد الصالح؛ لكثرة عبادته واجتهاده.
ومما يحكى من حلمه وسخائه ما بلغه عن شخص أنه يؤذيه، فبعث إليه بألف دينار، فقال: أشهد أنك من بيت النبوة.
وكان مسكنه المدينة، فنقله المهدي إلى بغداد، وحبسه بها، فرأى المهدي في النوم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يقول:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ} قال الربيع: فدعاني المهدي ليلا، فراعني ذلك، فجئته .. فإذا هو يقرأ هذه الآية، وكان أحسن الناس صوتا، وقال لي: عليّ بموسى بن جعفر، فجئته به، فعانقه وأجلسه إلى جنبه وقال له: يا أبا الحسن؛ رأيت أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه، وأخبره برؤياه، فتؤمنني ألا تخرج عليّ ولا على أحد من أولادي، فقال: والله؛ لا فعلت ذلك، ولا هو من شأني، قال: صدقت، أعطوه ثلاثة آلاف دينار، وردوه إلى المدينة، قال الربيع: فأحكمت أمره ليلا فما أصبح .. إلا وهو في الطريق؛ خوف العوائق.
ثم إن الرشيد حبسه في خلافته حتى توفي في حبسه.
وروي: أن الرشيد لما زار النبي صلّى الله عليه وسلم .. قال: السلام عليك يا بن عم؛ مفتخرا بذلك، فقال موسى الكاظم: السلام عليك يا أبت، فتغير وجه هارون.
ويروى: أن موسى الكاظم رأى النبي صلّى الله عليه وسلم يقول له: حبست مظلوما، فقل هذه الكلمات؛ فإنك لا تبيت هذه الليلة في الحبس، فقلت: بأبي وأمي ما أقول؟ قال: قل: يا سامع كل صوت، ويا سابق الفوت، ويا كاسي العظام لحما وناشرها بعد الموت؛ أسألك بأسمائك الحسنى، وباسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، يا حليما ذا أناة لا يقوى على أناته، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا ولا يحصى عددا؛ افرج عني.
فرأى المهدي تلك الليلة الحسين بن علي وبيده حربة، وقال له: إن خليت عن موسى وإلا .. نحرتك بهذه الحربة، فأرسله وخلى عنه، وأعطاه ثلاثين ألف درهم، وخيره بين المقام عنده على ما يحب وبين الرجوع إلى المدينة.