للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمير، فسبق إلى وهمي أنه يريدني لمهم، فلبست سلاحي، فقال معن: انصرفوا في حفظ الله، فلما خرجوا .. قال لزوجته: أرأيت؟ قالت له زوجته: قد تبين لي عذرك.

كان يزيد واليا بأرمينية وأذربيجان ولاه الرشيد، ولما خرج الوليد بن طريف الخارجي على هارون الرشيد ببلاد الجزيرة-كما ذكرناه في ترجمة الوليد في سنة تسع وسبعين ومائة (١) - .. جهز إليه الرشيد موسى بن حازم في جيش كثيف، فهزمهم الوليد، وقتل أميرهم، فوجه إليه الرشيد معمر بن عيسى العبدي، فكانت بينه وبين الوليد وقائع، وكثرت جموع الوليد، فوجه الرشيد إليه يزيد المذكور في عسكر ضخم.

ويروى: أنه لما جهزه الرشيد لحرب الخارجي .. أعطاه ذا الفقار سيف النبي صلّى الله عليه وسلم وقال: خذه يا يزيد؛ فإنك ستنصر به، فأخذه ومضى لحرب الوليد، وجعل الوليد يراوغه، وكان ذا مكر ودهاء، وأرسل الرشيد إلى يزيد خيلا بعد خيل، واستحثه في مناجزة الوليد، كما قدمنا ذلك، فالتقى العسكران، فدعا يزيد الخارجي للمبارزة، فبرز إليه الوليد، ووقف العسكران، فتطاردا ساعات من النهار، فأمكنت يزيد فيه الفرصة، فضرب رجله فسقط، وصاح بخيله، فبادروا إليه، واحتزوا رأسه، فوجه به إلى الرشيد، وفي ذلك يقول مسلم بن الوليد الأنصاري يمدح يزيد المذكور: [من البسيط]

أذكرت سيف رسول الله سنته ... وبأس أول من صلّى ومن صاما

يعني: بأس علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ إذ كان هو الضارب به.

وعن الأصمعي قال: رأيت في ذي الفقار ثماني عشرة فقارة، يقال: إن ذا الفقار كان مع العاصي بن نبيه يوم بدر، فقتله علي رضي الله عنه وأخذ منه ذا الفقار، وذكر بعضهم:

أنه كان للنبي صلّى الله عليه وسلم، فأعطاه عليا.

وذكر أبو جعفر الطبري بإسناد متصل: (أن ذا الفقار تلقاه الرشيد من أخيه الهادي، والهادي من أبيه المهدي، والمهدي من جعفر بن سليمان العباسي، وجعفر من التاجر، والتاجر من محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب دفعه إليه، قيل:

بأربع مائة دينار كانت له عليه) (٢).


(١) انظر (٢/ ٢٥٣).
(٢) «تاريخ الطبري» (٧/ ٥٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>