المسألة كسائر المسائل بل لا بد فيها من شذوذ كشذوذات العنبري والظاهرية وهذا شيء كبير يطلعك عليه كتب المقالات ودع عنك المتكلمين".
ثم ذكر كتاب "الصراط المستقيم" لابن تيمية، وقوله في زيارة القبور (ص ٢٤٩): "وقد صنف ابن تيمية كتابه الصراط المستقيم في أعياد أصحاب الجحيم وذكر أن أصل إحداث المسلمين لهذه الأعياد لها أصل منهم إما من اليهود أو النصارى أو المجوس عبدة الأوثان والنار ولذا يكثرون في بعضها النيران وذكر أشياء طويلة مفصلة مفيدة لكن يدل أن هذا شيء قد يختلف كثيرًا بحسب البلدان والأزمان لأن بعض ما ذكر ما سمعنا به وكأنه في الشام لأنها بلده ورأينا أشياء لم يذكرها وهذا الكتاب هو الذي يذكر عن ابن تيمية فيه أنه أنكر زيارة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشنعوا عليه ومن عرف كلامه عرف أنهم لم ينصفوه إنما أنكر هذه العوارض والحوادث وكيف وهو مصرح شرعية زيارة القبور ولكن الناس يعادون من خالهم حتى بهته السبكي بزيادة من عنده في أنه خالف الإجماع وقال وكيف يقبل قول من لا يكاد يخالف أصحابه شعرة مع دعواه الاجتهاد والعلم الكثير على من يقول قولًا ويسرد من الأدلة ما يملأ السمع والبصر كتابًا وسنة".
لم يتكلم عن تفسير الآيات، وما نقله من "الكشاف" وقول الزمخشري في تفسير الآيات حيث قال (ص ٣٨٨): "إذا تحققت هذا فنحن نصحح تفاسير الزمخشري لهذه الآيات بالمعنى الذي يبقى معه الاختيار خلا أنا لا نحصر الأمر عليه وهذا كله بناء على أن معنى الإلجاء عند المعتزلة أمر متحقق وقد قدمنا أن كلامهم فيه متهافت وقد اعترف لي فيه شيخنا مع أنه في معرفة كلامهم والذب عنهم بمنزلة لا يوجد اليوم نظيره فيما أظن وأعني به شيخنا في الكلام وهو القاضي مهدي ابن عبد الهادي الثلاني عرف بالحسوسة تفسيرهم أي الأشاعرة لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَال ذَرَّةٍ} الخ كأنه نبض للسيد الصفوي هنا عرق فقال في جامع البيان في تفسير قوله تعالى: {وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالمِينَ} لأنه حكم عدل لا يجري في ملكه إلا من يشاء فلا يحتاج إلى ظلم لأحد فلهذا قال: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} فيجازي بما وعد وأوعد".
وإليك عزيزي القاريء قوله في مقتضى تفسير بعض الآيات، والقول بخلق أفعال العباد (ص ٢٣٢): "قوله مع أن مذهبه يقتضي إلخ. يعني مع ضم هذه الآية الكريمة وجعلها صغرى هكذا {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} وكل ما أراده الله واقع، فكل يسر واقع، {وَلَا يُرِيدُ بكُمُ الْعُسْرَ} وكل ما لم يرده الله لم يقع، فكل عسر غير واقع. ولا شك في عموم اليسر والعسر في الآية للسياق وللام الجنسية وأيضًا يلزم من عدم العموم ما قلنا في {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} من تعطيل ما لا شك في إرادته (فإن قلت) لا بد من تخصيص اليسر والعسر لوقوعهما من أفعاله تعالى وكل أفعاله تعالى مرادة (قلت) هذا كما ذكرنا في مسمى الخير والشر أنه يكون بالنظر إلى ذات المسمى تارة وبالنظر إلى ما يلازمه أخرى فمشقة التكليف مثلًا يسر نظرًا إلى مآلها كما سميناه خيرًا