للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

على العلم ولا يزال كذلك وإنما خلق السموات والأرض ليربي ذوي الأرواح فيهما بالخير والشر".

وقال في تفسير سورة البقرة (١/ ١١٤): {فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} أي جهة رضاه وليس الله مختصًا بمكان، بل هو (واسع) الفضل (عليم) بتدبر خلقه".

وفي تفسير سورة المائدة (٣/ ١٩٦): " {وَقَالتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ} فهو مجاز إما عن البخل أو الفقر .. {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} ثنى اليد مبالغة في نفي البخل وإثبات الجود".

قال صاحب رسالة معدة لنيل درجة الماجستير الموسومة بـ "طنطاوي جوهري ومنهجه في التفسير" (١) إعداد أنور يوسف، ذكر فيها حياة الجوهري، وعصره وجميع ما يتعلق محالته الشخصية والاجتماعية والدينية والثقافية، وصور ذلك من خلال مختلف تأليفاته وخاصة نفسيره "الجواهر" حيث قال صاحب الرسالة في ثقافة الطنطاوي (ص ٦٥)، وننقل بعض المواضع مع الهوامش للفائدة:

"إن أصدق كلمة يمكن أن نَصِفَ بها ثقافة طنطاوي هي (الموسوعية) فقد كان بحث (دائرة معارف) جمعت بين العلوم القديمة والعلوم العصرية، وبين علوم الدين وعلوم الدنيا، ففي الأزهر الشريف درس العلوم الشرعية واللغوية حتى برعَ فيها، وفي دار العلوم دَرَس العلوم الطبيعية والرياضية حتى بذ فيها سائر أقرانه. لكن نفسه كانت تَهْفُو إلى أكثر من ذلك، فقرر أن يحصِّل العلم بنفسه، فشحذ همّته، وأقبل على دراسة مختلف العلوم والفنون؛ قديمها وحديثها، وتعلم اللغة الإنجليزية، وبها استطاع الاطلاع على علوم الغربيين وثقافتهم، ونهل منها قدرًا وافرًا.

درس طنطاوي -بجهده الخاص- الفلسفة القديمة من أصولها (٢). وركز كثيرًا على الفلسفة اليونانية وأتقن فهمها. حتى شهد له المستشرق الألماني (ماركس) أنه "عالم بالفلسفة اليونانية والتصوف" (٣)، ثم انبرى للفلسفة الحديثة وأشبعها درسًا وفهمًا. وألّف فيها، وكانت له نظراته الفلسفية الخاصة به (٤).

درَّس طنطاوي التصوف، فكان أستاذًا فيه، ولا أدل على ذلك من أنه مكث تسع سنوات متواصلة يدرّس فيها "الرسالة القشيرية" للمستشرقة الروسية (مدام ليبديف) ويحل لها


(١) رسالة ماجستير بعنوان "طنطاوي جوهري ومنهجه في التفسير، إعداد أنور يوسف، الجامعة الأردنية، لسنة (١٤٠٨ هـ / ١٩٨٨ م).
(٢) الجواهر (٢٦/ ٧٨).
(٣) عبد العزيز جادو "الشيخ طنطاوي جوهري" (ص ٥٣).
(٤) انظر تقييمًا سريعًا لفلسفة الشيخ طنطاوي في كتاب "أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العالم العربي الحديث" فهمي جدعان (ص ٢٣٢).