للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

رموز الكتاب (١)، ثم قامت بترجمة الرسالة إلى الفرنسية، فكانت أتقن ترجمة عرفتها فرنسا -كما شهد المستشرقون- (٢).

وكانت له معرفة بالمذاهب والعقائد الدينية، وقد مكّنه ذلك من مجادلة بعض أهل تلك المذاهب والرد عليهم بخاصّة النصرانية (٣).

أما أكثر العلوم التي طالعها طنطاوي، وأولاها جل اهتمامه، فهي العلوم الحديثة، من فلك وكيمياء، ورياضيات، وطب، وغيرها، وكان يتابع فيها كل جديد من خلال الكتب، والصحف، والمجلات، ولشدة معرفته بهذه العلوم أصبح كأنه واحد من المتخصصين فيها، فكان يشرح مبادئها في كتبه، حتى الموضوعات الصعبة منها، وكان يحاضر للناس فيها، مثل محاضراته الطبية التي سبق الإشارة إليها.

وقد تكلم صاحب الرسالة أيضًا عن تفسيره "الجواهر" ومصادر طنطاوي فيه، فذكر صاحب الرسالة التفاسير التي اعتمد عليها: كتفسير البيضاوي، والفخر الرازي "مفاتيح الغيب" وقال فيه (ص ١٣٠): "لاحظت رجوع طنطاوي إلى تفسير الرازي، تصريحًا، في سبع مسائل -مع تكرار بعضها- نقل عنه نصًّا في إمكانية تلاقي الأرواح في المنام (٤) ونقل عنه كلامًا في إمكانية تلاقي الروح بعد وفاة صاحبها مع بدن رجل آخر بسبب المشاكلة (٥) ونقل عنه رأيه في نسخ قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَينِ} [الأنفال: ٦٥]، ونقل عنه عقيدة الثنوية في الإله (٦)، ونقل عنه كلامًا خلاصته أن الإيمان بالقرآن مبني على العقل أولًا ثم النقل ثانيًا وأن التقليد غير كافي في الإيمان (٧)، ونقل عنه الحكم الشرعي في إعطاء الذين يحضرون قسمة الميراث عند تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: ٨] (٨)، كما نقل عنه بعض الأحكام الشرعية في فرائض الوضوء (٩).

ولقد تبين لي أن الشيخ طنطاوي نقل أشياء أخرى من تفسير الرازي دون الإشارة إليه، فكثير من القضايا الفقهية في الجواهر مستمدة من الرازي، مثال، ذلك ما ذكره طنطاوي من أن للعلماء سبعة أقوال في دبغ جلد المتة. ثم عدّدها مع ذكر من يقول بها، وهو الكلام نفسه


(١) الجواهر (١/ ٦٨)، كانت هذه المستشرقة عالمة بالتصوف، وتتقن أربع عشرة لغة منها العربية، وقد جاءت إلى مصر سنة (١٩٠٦ م) من أجل شرح (الرسالة القشيرية) وترجمتها للفرنسية، الشيخ طنطاوي جوهري (ص ٥٢ - ٥٤).
(٢) الشيخ طنطاوي جوهري (٥٣).
(٣) للاطلاع على بعض تلك المجادلات التي ذكرها طنطاوي في تفسيره، مثل مجادلته لمستشرقة في عقيدة (الفداء). ومجادلته لمبشر في شأن عيسى - عليه السلام - وأنه ابن الله، انظر: الجواهر (١/ ٦٨) و (١٩٧ - ١٩٨).
(٤) الجواهر (٤/ ١٦)، وكرر النص عليه مرات في (١٦/ ٣٤) و (١٦/ ١٢)، و (٢٠/ ١١٨) و (٢٥/ ٣١)، وانظر الرازي "مفاتيح الغيب" (٣١/ ٣١).
(٥) المرجع السابق (٢/ ١٠٩) و (٢/ ١٦٩)، وانظر أيضًا "مفاتيح الغيب" (١٩/ ١٣).
(٦) الجواهر (١/ ٣٩)، مفاتيح الغيب (٢/ ١١٢).
(٧) الجواهر (٢١/ ٥٤)، مفاتيح الغيب (٢٧/ ٢٦٠).
(٨) الجواهر (٣/ ١٦)، مفاتيح الغيب (٩/ ١٩٦ - ١٩٧).
(٩) الجواهر (٣/ ١٢٩)، مفاتيح الغيب (١١/ ١٥٧).