للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صفة الفوقية:

قال عند قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيكُمْ حَفَظَةً} القاهر: إن أخذ صفة فعل أي مظهر القهر بالصواعق والرياح والعذاب فيصح أن تجعل فوق ظرفية للجهة، لأن هذه الأشياء إنما تعاهدها العباد من فوقهم، لأن أخذ القاهر صفة ذات بمعنى القدرة والاستيلاء، ففوق لا يجوز أن تكون للجهة، وإنما هي لعلو القدر والشأن، على حد ما تقول: الياقوت فوق الحديد، والأحرار فوق العبيد (١).

"صفة اليد":

قال عند قوله تعالى: {وَقَالتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيفَ يَشَاءُ}.

العقيدة في هذا المعنى، نفي التشبيه عن الله سبحانه، وأنه ليس بجسم ولا له جارحة، ولا يشبه، ولا يكيف، ولا يتحيز ولا تحله الحوادث، تعالى عما يقول المبطلون علوا كبيرا.

قال ابن عباس في هذا الآية: يداه نعمتاه ثم اختلفت عبارة الناس في تعيين النعمتين، فقيل: نعمة الدنيا ونعمة الآخرة، وقيل النعمة الظاهرة والنعمة الباطنة، والظاهر أن قوله سبحانه {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} عبارة عن أنعامه على الجملة، وعبر عنها باليدين جريا على طريقة العرب في قولهم: فلان ينفق كلتا يديه، ومنه قول الأعشى:

يداك يدا مجد فكف مفيدة ... وكف إذا ما ضن بالمال تنفق

ويؤيد أن اليدين هنا بمعنى الإنعام قرينة الإنفاق (٢).

إثبات الرؤية:

قال عند قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} أجمع أهل السنة على أن الله عز وجل يُرى يوم القيامة، يراه المؤمنون والوجه أن يبين جواز ذلك عقلًا، ثم يستند إلى ورود السمع بوقوع ذلك الجائز، واختصار تبيين ذلك أن يعتبر بعلمنا بالله عزَّ وجلَّ، فمن حيث جاز أن نعلمه لا في مكان ولا متحيزًا، ولا مقابلا، ولم يتعلق علمنا بأكثر من الوجود جاز أن نراه غير مقابل ولا محاذي، ولا مكيفا ولا محددا.

وكان الإمام أبو عبد الله النحوي يقول: مسألة العلم حلقت لحى المعتزلة ثم ورد الشرع بذلك كقوله عزَّ وجلَّ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)} وتعدية النظر بإلى إنما هو في كلام العرب لمعنى الرؤية لا لمعنى الانتظار على ما ذهب إليه المعتزلة، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما صح عنه وتواتر وكثر نقله "إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة القدر" ونحوه من الأحاديث الصحيحة على اختلاف ألفاظها (٣) " أ. هـ.

وفاته: سنة (٨٧٥ هـ) خمس وسبعين وثمانمائة.

من مصنفاته: "الجواهر الحسان في تفسير القرآن" أربعة مجلدات و"الذهب الإبريز في غريب القرآن العزيز" وغير ذلك.


(١) تفسير الثعالبى: ١/ ٥٢٧.
(٢) تفسير الثعالبي: ١/ ٤٩٤.
(٣) نفس المصدر (٤/ ١٦١).