"الموافقات" في أصول الفقه ومقاصدها، و"الاعتصام" في السنة وقمع البدعة، و "الإفادات والإنشادات" .. وهو -رحمه الله عليه- هي مؤلفات هذه بعيد عن طرق التأليف التقليدية، وللعمل المكرور وإنما يفترعها افتراعًا، ويُبدع فيها إبداعًا، لأنه قد اتخذ القرآن والسنة له نبراسًا وإمامًا، وحذف "لسان العرب" لغةً، ونحوًا، وفقهًا، واشتقاقًا بما لم يدرك ثناؤه من لحقه .. وهذا الإمام الفذُّ - رحمة الله عليه - قد اشتهر في قطره ثم ذاع صيته في المشارق والمغارب، لمناداته بالسنة، والاعتصام بها، ورفضه الجمهور والتقليد، وإنكاره التصوف والبدع المضلة، ودعوته الملحة إلى الدليل .. " أ. هـ.
• قلت: وننقل إليك عزيزي القارئ، بعض المواطن التي ذكرها في كتابه "الموافقات" في تأويل بعض ما ذكره مثل: الثواب والعفاف، ومسألة متشابه القرآن، وغيرهما وإليك بعضها:
قال في كتابه "الموافقات" (٢/ ١٩٤):
"والحب والبغض من الله تعالى، إما أن يراد بهما نفس الإنعام أو الانتقام؛ فيرجعان إلى صفات الأفعال على رأي من قال بذلك، وإما أن يراد بهما إرادة الإنعام والانتقام؛ فيرجعان إلى صفات الذات لأن نفس الحب والبغض المفهومين في كلام العرب حقيقة محالان على الله تعالى ... " إلى آخر الكلام.
أما في (٢/ ٢٥٦) فقد قال:
"لأنا نقول: تسمية الجزاء المرتب على الاعتداء اعتداءً مجاز معروف مثله في كلام العرب، وفي الشريعة من هذا كثير؛ كقوله تعالى: {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: ١٥] " أ. هـ.
• قلت: لقد جعل الاستهزاء الوارد في هذه الآية له معنى مجازي.
ثم ذكر التشابه في الآية الواردة في القرآن فقال (٣/ ٣١٨):
"إن التشابه باعتبار وقوع الأدلة مع ما يعارضها كالعام والخاص وما ذكر معه قليل، وأن ما عد منه غير معدود منه، وإنما يعد منه التشابه الحقيقي خاصة.
وأما مسائل الخلاف وإن كثرت؛ فليست من المتشابهات بإطلاق، بل فيها ما هو منها وهو نادر؛ كالخلاف الواقع فيما أمسك عنه السلف الصالح فلم يتكلموا فيه بغير التسليم له والإيمان بغيبه المحجوب أمره عن العباد؛ كمسائل الاستواء، والنزول، والضحك، واليد، والقدم، والوجه، وأشباه ذلك.
وحين سلك الأولون فيها مسلك التسليم وترك الخوض في معانيها؛ دل على أن ذلك هو الحكم عندهم فيها، وهو ظاهر القرآن، لأن الكلام فيما لا يحاط به جهل، ولا تكليف يتعلق بمعناها، وما سواها من مسائل الخلاف ليس من أجل تشابه أدلتها؛ فإن البرهان قد دل على خلاف ذلك، بل من جهة نظر المجتهد في مخارجها ومناطقها، والمجتهد لا تجب إصابته لما في نفس الأمر، بل عليه الاجتهاد بمقدار وسعه، والأنظار تختلف باختلاف القرائح والتبحر في علم الشريعة؛ فلكل مأخذ يجري عليه، وطريق يسلكه بحسبه لا بحسب ما في نفس الأمر".
ثم قال في (٣/ ٣٢٣): "إن المراد بالأصول