للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قلت: لقد نصّ الإمام العز على المسألتين في كتابه القواعد -أعني مسألة الحلولية ومسألة اعتقاد الجهة- فذكر أن اعتقاد الجهة خطأ معفو عنه لمشقة الخروج منه والانفكاك عنه، لأن اعتقاد موجود ليس بمتحرك ولا ساكن ولا منفصل عن العلم ولا متصل به، ولا داخل فيه ولا خارج عنه، لا يهتدي إليه أحد بأصل الخلقة في العادة ولا يهتدي إليه أحد إلا بعد الوقوف على أدلة صعبة المدرك عسرة الفهم، فلأجل هذه المشقة، عفا الله عنها في حق العامة، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يلزم العامة بالبحث في ذلك واكتفى منهم بظاهر الإيمان فقط، وكذلك فعل الخلفاء الراشدون، ولولا أن الله قد سامحهم بذلك وعفا عنه لعسر الانفصال منه.

وأما الحلول فقد ذكر:

أن من زعم أن الإله يحل في شيء من أجساد الناس أو غيرهم فهو كافر لأن الشرع إنما عفا عن المجسمة لغلبة التجسيم على الناس، فإنهم لا يفهمون موجودًا في غيى جهة بخلاف الحلول فإنه لا يعم الابتلاء به، ولا يخطر على قلب عاقل ولا يعفى عنه.

بعد هذا اللفظ الصريح من الإمام في تكفير معتقد الحلول فلا يسلم لابن التلمساني ما نسبه إلى الإمام العز رحمه الله".

* موقف ابن تيمية من الأشاعرة: "الإمام العلم المشهور، وهو أحد تلامذة الآمدي، ويلاحظ أن وفاته كانت قبل ولادة شيخ الإسلام ابن تيمية بسنة واحدة تقريبًا، وقد تميز العز بن عبد السلام بكونه من أعلام العلماء وغيرهم، ولذلك فدفاعه عن مذهب الأشاعرة وتقريره له في كتبه له أثر في الناس، وقد كانت إحدى محنه الكبار بسبب مسألة الحرف والصوت، وقد ألف في ذلك عقيدته المسماة "الملحة في اعتقاد أهل الحق" قرر فيها مذهب الأشاعرة في كلام الله وإنكار الحرف والصوت وشنع على مخالفيه من الحنابلة، ووصفهم بالحشو وأغلظ عليهم، وقد أفرد ولده عبد اللطيف ما جرى له في رسالة، ونقلها السبكي، الذي نقل أيضًا "الملحة" بكاملها، ومما تجدر ملاحظته أن شيخ الإسلام رد على العز في رسالته هذه -وأغلظ عليه أحيانًا- مع أنه مدحه في أول الجواب عن الفتوى. والأدلة على أشعرية العز واضحة، وقد سجل خلاصة لعقيدته في كتابه المشهور قواعد الأحكام، أما تأويله لبعض الصفات، فواضح في كتابه الإشارة إلى الإيجاز فقد أول صفات المجيء، والقبضة، واليدين، والنزول، والضحك، والفرح، والعجب، والإستواء، والهبة، والغضب، والسخط وغيرها، وهو ممن ينفي العلو والفوقية ويتأولهما، كما أن الشيخ له ميل إلى التصوف، فقد ذكر في كتابه القواعد أنواع العلوم التي يمنحها الأنبياء والأولياء فذكر منها: (الضرب الثاني: علوم إلهامية، يكشف بها عما في القلوب، فيرى أحدهم بعينيه من الغائبات ما لم تجر العادة بسماع مثله ... ومنهم من يرى الملائكة والشياطين والبلاد النائية، بل ينظر إلى ما تحت الثرى، ومنهم من يرى السموات وأفلاكها وكواكبها وشمسها وقمرها على ما هي عليه، ومنهم من يرى اللوح المحفوظ ويقرأ ما فيه، وكذلك يسمع أحدهم صرير الأقلام وأصوات