* أعلام دمشق: "نائب رئيس المجمع العلمي العربي بدمشق الأسبق من العلماء باللغة والأدب" أ. هـ.
* قلت: بعد اطلاعنا على كتابه "تفسير جزء تبارك" تبين لنا ما يلي:
١ - أنه قد أول صفة اليد في قوله تعالى "تبارك الذي بيده الملك" على الرغم من أنه حكى في معنى هذه الآية قول السلف، ولكنه أتبعه بتأويل صفة اليد فقال: "بيده الملك" أي أن التصرف المطلق في هذه الكائنات له تعالى لا لغيره، ويراد من ذكر اليد في مثل هذا الاستعمال إفادة معنى التمكن من الشيء والاستيلاء التام عليه" أ. هـ.
٢ - أنه قرر قاعدة وهي: أن أفضل ما يحمل عليه كلام الله المعجز من الأساليب ما عرف عند بلغاء العرب وتداولته ألسنتهم وشاع استعماله بينهم، وهذه القاعدة تخطئ كثيرًا وتصيب قليلًا، فترى -مثلًا- أن أكثر أهل اللغة والنحو في عصرنا الحديث -بتطبيقهم لهذه القاعدة- يميلون إلى أحد المذاهب الكلامية كالاعتزال والأشعرية والماتريدية لا عن اعتقاد بصحتها ولكن عملًا بهذه القاعدة والله أعلم بما نفوس العالمين.
فترى -عبد القادر المغربي- في تفسيره لقوله تعالى "يوم يكشف عن ساق" في سورة "ن" ينقل قول ابن عباس في تفسير هذه الآية ثم يتبعه، كيف إن العرب كانوا يستعملون كشف الساق كناية عن اشتداد الأمر وعظمته كما أنهم يستعملونه في الجد والمضاء وقوة الإرادة، ثم يصل إلى نتيجة وهي:"فالأصل في هذا التعبير -أعنى كشف الساق مرادًا به الشدة والهول- أن يكشف عن الساق بالفعل عند الخطب واشتداد النازلة، ثم كثر واستفاض حتى صار يفهم منه اشتداد الأمر، واستفحال الخطب، ولو لم يكن ثمة ساعد ولا ساق، ولا كشف ولا تشمير" أ. هـ.
وبعد هذا يذكر شواهد أخرى تؤيد ما ذهب إليه من أن كشف الساق كناية عند اشتداد الأمر وعظمته وفي النهاية يصل إلى ما يريد أن يقوله في هذه والأية وغيرهما فيقول:"وهكذا استعمال [كشف الساق] في هول يوم القيامة، يراد به الهول فظاعة الأمر، وإن لم يكشف عن السوق بالفعل، فإن يوم القيامة -وإن تكن فيه سوق- لا ثياب تلبس ولا زلازل تكشف في ذلك اليوم العصيب، كما ورد الحديث في وصفه:(يحشرون حفاة عراة غرلًا).
وإنما أطلنا الكلام في هذا تنبيهًا إلى أن أفضل ما يحمل عليه كلام الله المعجز من الأساليب ما عرف عند بلغاء العرب وتداولته ألسنتهم، وشاع استعماله بينهم، والعدول عن هذا المعنى الكنائي إلى غيره -كالقول بأن المعنى: يكشف عن ساق [الرحمن] تعالى وتقدس، اعتمادًا على بعض الآثار الواردة في ذلك، أو عن ساق [العرش] أو ساق [ملك مهيب] من الملائكة- كل ذلك لا حاجة إليه بعد الشواهد التي ذكرناها من أقوال فصحاء العرب، ومختلف أساليبهم، في بليغ تراكيبهم، مما يدل دلالة واضحة على ما قلناه، ويكفي شاهدًا نقليًا عليه أن ابن عباس كان يقول في تفسير (يوم يكشف عن ساق) يكشف عن أمر عظيم، ألا تسمعون العرب تقول: "وقامت الحرب بنا على ساق" وتقول "كشف هذا الأمر عن ساقه"