للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال الدكتور عبد المجيد:

"وعندما يتصدى عبد الكريم الخطيب لتفسير قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ فِيمَا تَرَاضَيتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: ١٢٤] نراه يعقد عنوانًا لزواج المتعة والرأي فيه. ويحكي تعلق الشيعة في حل زواج المتعة بهذه الآية. ويورد أقوال الطبرسي وهو من كبار علماء الشيعة الإمامية في تفسيره المعروف "مجمع البيان".

ويورد أقوال أهل السنة الذين قالوا بنسخ نكاح المتعة، واستندوا في هذا إلى أحاديث تروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند من يقول بنسخ القرآن بالسنة المتواترة، ومنهم من يقول إنها منسوخة بالقرآن.

ويورد الأحاديث التي تأخذ بها الشيعة وتضيف إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه هو الذي أبطل نكاح المتعة، وأن ذلك كان عن رأي رآه، واجتهاد اجتهده. فهم والأمر كذلك غير محجوبين بما وضعه عمر، ما دام في أيديهم كتاب الله الذي أباح المتعة حسب تأويلهم لقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} وما صح من إجماع المسلمين على أنها كانت جائزة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي خلافة أبي بكر، وبعض خلافة عمر، ثم ما يظاهر ذلك من أحاديث ثبت عندهم صحتها، ولم تثبت عندهم الأحاديث التي قيل إنها حرّمتها. ثم ينتهي إلى حقيقتين، الأولى: أن القرآن الكريم لم يجر فيه ذكر بإباحة المتعة، وأن الآية التي يستشهدون بها لهذا إنما هي لتقرير حكم من أحكام الزواج الشرعي الدائم، وهذا الحكم هو المهر الواجب لصحة عقد الزواج.

والثانية: أن إباحة المتعة كانت مما أباحه الرسول - عليه السلام -بإذن ربه- في حال خاصة، حيث كان المجاهدون من المسلمين في حال غربة، ولم يكونوا قد اصطحبوا نساءهم معهم، فخافوا الفتنة على أنفسهم.

وعلى هذا فإن المتعة أبيحت بالسنة في حالة خاصة، في ظرف اضطراري، وأنها قد حرمت بالسنة بعد زوال هذا الظرف، وأن عمر بن الخطاب إنما كان موقفه منها هو توكيد هذا التحريم. فلو أن نكاح المتعة كان مباحًا على إطلاقه لفسد نظام المجتمع، ولا نحلّت روابط الأسرة، ولما رغب الرجال عنه إلى الزواج واحتمال تبعاته.

والزنا الصراح خير من هذا الزنا المتخذ اسم المتعة مجازًا له) (١) أ. هـ.

وهكذا أشار وتكلم صاحب "اتجاهات التفسير" عن المرأة والميل لها في آرائه وقول الخطيب في قصة آم - عليه السلام - دون الاعتماد على الإسرائيليات أو الأساطير، وقول المفسرين فيها قال صاحب "الاتجاهات": "هو ما استوحى فهمه الذي ذكرناه من مدرسة الشيخ محمّد عبده في التفسير" أ. هـ.

ثم ذكر الدكتور عبد المجيد بعد عرض الإيجاب والمآخذ في تفسير الخطيب:

"وهناك غير هذه المآخذ التي أضرب عنها صفحًا مخافة الخروج عن حدود البحث وإطاره العام.

وقد يقول معترض: وكيف أدرجت تفسير الأستاذ الخطيب في جملة التفاسير ذات الاتجاه


(١) التفسير القرآني (٥/ ٧٤١).