للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الجامعية .. والله الموفق إلى خير السبيل.

ونزيد على ما ذكرنا ما ذكره الدكتور عبد المجيد عبد السلام المحتسب في كتابه "اتجاهات التفسير في العصر الراهن" حول تفسير عبد الكريم الخطيب "التفسير القرآني للقرآن" بقوله بعد أن ذكر منهج الخطيب فيه (ص ٧٦): "نجد عند المؤلف جنوحًا وميلًا حذرًا إلى الاتجاه العلمي في التفسير. والمرجح أن هذا الميل الحذر أثر من آثار مدرسة الشيخ محمد عبده في التفسير. يقول: "وقد يفهم من قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} بعد قوله سبحانه {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} -قد يفهم من هذا أن خلق السماوات جاء تاليًا لخلق الأرض. ولكن، مع قليل من النظر، يتضح أن ذلك كان بعد خلق السماوات والأرض .. فالأرض كانت مخلوقة، ثم خلق الله بعد ذلك، ما فيها من مخلوقات .. وكذلك السماء، كانت قائمة، فجعلها الله سبحانه سبع سماوات. وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة، في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فصلت: ١١]. وهذا لا يصادم ما يقول به العلم الحديث، من أن الأرض وليدة انفجار في الشمس، تسبب عنه انفصال أجرام منها، وكانت الأرض واحدة من تلك الأجرام فعوالم السماء مخلوقة قبل الأرض، والأرض مولود من مواليدها" (١).

ومع هذا الميل الحذر إلى النزعة العلمية في فهم القرآن وشرحه نراه يرجع إلى الصواب والدقة في فهم كتاب الله كما يجب على المسلمين أن يفهموه فيقرر أن القرآن ليس كتاب علم، وأن الرسالة الإسلامية لم تجئ لتقرير حقائق علمية - فإن في عرضه لمشاهد الكون وفي كشفه عن مظاهر الوجود، لمحات مضيئة، وإشارات مشرقة، يجد فيها العلم الحديث مستندًا لمقولاته، ومجازًا لمقرراته" (٢).

وقال عنه د. عبد المجيد أنه يميل إلى اللون الأدبي النفسي في تفسيره كما في (١/ ١٨٥) وتكلم حول رؤية الخطيب بالإنسان كونه مخيرًا أو مسيرًا، وقدرته وإرادته، كما في (١/ ٤٦) وما بعدها.

ورد الخطيب على الدكتور طه حسين، وأحمد خلف الله في كتابه "الفن القصصي في القرآن" كما أشار إليه صاحب "الاتجاهات" في حذو أحمد خلف الله وطه حسين في اعتبار القصص القرآني لونًا من الأساطير والخيال والوهم الذي لم يكن واقعًا حقيقيًّا: ولا شك أن طه حسين كان علمانيًا في رأيه كما كان الثاني، وقد قاس الإثنان الله سبحانه عن البشر (٣).

وردّ أيضًا الخطيب على الشيعة في زواج المتعة، قال الدكتور عبد المجيد:

"وعندما يتصدى عبد الكريم الخطيب لتفسير قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ فِيمَا تَرَاضَيتُمْ


(١) التفسير القرآني للقرآن (١/ ٤٨).
(٢) المصدر نفسه (١/ ٦٦).
(٣) اتجاهات التفسير (٨٠).