* موقف ابن تيمية من الأشاعرة - متحدثًا عن عقيدة القشيري في الأسماء والصفات بعد استعراض كتبه: (ومع ذلك فليس من العسير استخلاص مذهبه وآرائه في العقيدة، - التي وافق فيها المشهور من مذهب الأشاعرة - من خلال ما يشير إليه في ثنايا كتبه المختلفة.
فالقشيري ممن ينكر قيام الصفات الاختيارية بالله -وهي مسألة حلول الحوادث- ولذلك فهو يقول بأزلية المحبة، والرضا والغضب، كما أنه ينكر العلو، وينقل عن غيره من الصوفية تأويلاتهم للاستواء، وأنه لا يدل على العلو، ويقول: إن الله يرى بلا مقابلة، وهو يثبت الصفات السبع من صفة البقاء، ويستدل لبعضها بالعقل، وبتأول صفة المحبة، والضحك وفي القدر مع إثباته له ينكر التعليل، ويقول: إن القدرة مع الفعل فقط، كما هو مذهب الأشاعرة، وحين يتحدث عن معنى "التوحيد" يرى أنه يشمل الأقسام الثلاثة المشهورة عند أهل الكلام: وهو أن الله واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له، كما أنه يرى أن الواجب الاشتغال بالتأويل الصحيح، ويرد على من يسميهم بالحشوية، ويرى أن كثيرًا ممن يناظره في زمنه ليس له تحقيق ولا تحصيل، وفي مسألة النبوة والمعجزات ينقل عن الباقلاني).
ثم يتكلم عن دور القشيري في المذهب الأشعري وتطويره، وأنه قد تمثل في جانبين -فيقول-:
(أما دور القشيري في المذهب الأشعري وتطويره فتمثل في جانبين:
أحدهما: دفاعه عن الأشاعرة وقت المحنة التي مروا بها، وقد فاق في دفاعه عنهم أقطاب الأشاعرة في زمنه، وكتب رسالته "الشكاية" يبث فيها أشجانه ويدافع عن الأشعري وعن الأشاعرة ويرد على التهم الموجهة إليهم، ويصور الأمر وكأنه ليس في الأمة الإسلامية إلا الأشاعرة، والمعتزلة، وأن قول الأشاعرة إذا بطل لا يبقى إلا قول المعتزلة فهل يكون هو المعتمد؟ يقول القشيري بعد كلام طويل:"وإذا لم يكن في مسألة لأهل القبلة غير قول المعتزلة، وقول الأشعري قول زائد، فإذا بطل قول الأشعري فهل يتعين بالصحة أقوال المعتزلة، وإذا بطل القولان فهل هذا إلا تصريح بأن الحق مع غير أهل القبلة؟ وإذا لعن المعتزلة والأشعري في مسألة لا يخرج قول الأمة عن قوليهما، فهل هذا إلا لعن جميع أهل القبلة؟ ".
ثم يقول:
(وبهذا الدفاع الذي جاء بأسلوب بث الشكوى برز القشيري كعلم من أعلام الأشاعرة، وكان لذلك دوره في تبني ما كان عنده من تصوف.
الجانب الآخر: إدخال التصوف في المذهب الأشعري، وربطه به، وذلك حين ألف القشيري رسالته المشهورة في التصوف وأحواله وتراجم رجاله المشهورين، فذكر في أحد فصول الرسالة، وفي ثناياها أن عقيدة أعلام التصوف هي عقيدة الأشاعرة فنسب إليهم أنهم يقولون: "إنه أحدي الذات، ليس يشبه شيئًا من المصنوعات، ولا يشبهه شيء من المخلوقات ليس بجسم ولا