للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

جوهر ولا عرض، ولا صفاته أعراض، ولا يتصور في الأوهام، ولا يتقدر في العقول، ولا له جهة ولا مكان، ولا يجري عليه وقت وزمان، ولا يجوز في وصفه زيادة ولا نقصان، ولا يخصه هيئة حد، ولا يقطعه نهاية وحد، ولا يحله حادث، ولا يحمله على الفعل باعث .. ولا يقال له: أين، ولا حيث ولا كيف .. يرى لا عن مقابلة .. خالق أكساب العباد".

ويركز على نفى أن الله في جهة العلو، ثم يقول في أواخر الرسالة: "فإذا كان أصول هذه الطائفة أصح الأصول، ومشايخهم أكبر الناس وعلماؤهم أعلم الناس، فالمريد الذي له إيمان بهم: إن كان من أهل السلوك والتدرج إلى مقاصدهم فهو يساهمهم فيما خصوا به من مكاشفات الغيب، فلا يحتاج إلى التطفل على من هو خارج عن هذه الطائفة، وإن كان مريدًا طريقة الاتباع وليس بمستقل بحاله، ويريد أن يعرج في أوطان التقليد إلى أن يصل إلى التحقيق فليقلد سلفه وليجر على طريقة هذه الطبقة فإنهم أولى به من غيرهم" فهو يرى أن من أراد دخول طريقة التصوف كوشف مع شيوخه، ومن لم يرد دخول طريقة التصوف فعليه بتقليدهم في العقائد؛ لأنهم أولى من غيرهم.

ودعوى القشيري أن هذه عقائد شيوخ الصوفية ليست مسلمة، وليس هذا موضع مناقشة ذلك ولكن الذي حدث هو تبني أعلام الأشاعرة للتصوف وتمثل ذلك بشكل واضح في الغزالي ومن جاء بعده).

ثم يتكلم د. عبد الرحمن المحمود عن تصوف القشيري، وأنه لم يكن تصوفًا سنيًا بعيدًا عن شطحات وبدع الصوفية، بل على العكس من ذلك، فيذكر أمثلة على ذلك، منها:

١ - صلته بطائفة الملامتية (١)، التي انتشرت في بلده نيسابور، وقد ترجم لبعض أعلامها، ويربط بعض الدارسين بين ما عند هذه الطائفة من كتمان لأحوالهم وما عند الرافضة من التقية، ويشير إلى أمر مستغرب وهو أن القشيري لم يرد على طائفة الباطنية الذين عظم شأنهم في زمنه.

٢ - إيمانه بوجود القطب (٢)، والأوتاد (٣)،


(١) سبق في (ص: ١٦٧) التعريف بطائفة من الطوائف المنتسبة إليهم وهم اليونسية، وهنا نعرف بهم تعريفًا عامًا بأنهم الذين لم يظهر على ظواهرهم مما في بطونهم أثر، لأنهم يجتهدون في الإخلاص، والملامتي لا يظهر خيرًا ولا يضمر شرًّا، ولذلك فهم يسترون صلاحهم بأمور تتداولها العوام ليست بمخالفات ولا معاص مبالغة في الخفاء، وينسب انتشار هذا المذهب في نيسابور إلى أبي صالح حمدون بن أحمد القصار المتوفى سنة (٢٧١ هـ)، انظر: الرسالة القشيرية (١/ ١١٤)، وعوارف العوارف (ص: ٧١)، ومعجم مصطلحات الصوفية (ص: ٢٤٩)، وانظر: عن نشأتهم: "القشيري" لإبراهيم بسيوني (ص: ١٧) وما بعدها.
(٢) القطب عند الصوفية: عبارة عن رجل واحد هو موضع نظر الله تعالى من العالم في كل زمانه وهو على قلب إسرافيل - عليه السلام -، وحين يلتجأ إليه يسمي الغوث: انظر: اصطلاحات الصوفية للكاشاني (ص، ٤٥)، ومعجم اصطلاحات الصوفية (ص: ٢١٧).
(٣) الأوتاد عند الصوفية: الرجال الأربعة على منازل الجهات الأربع من العالم، بهم يحفظ الله تلك الجهات لكونهم محال نظره تعالى، اصطلاحات الصوفية (ص: ٢٣)، ومعجم مصطلحات الصوفية (ص: ٢٦٤).