للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الكرامات يلزم منه بطلان مذهب المعتزلة في منعهم جواز مطلق الكرامات، إذ جواز عظيمها يلزم منه جواز صغيرها، ويلزم منه أيضًا بطلان أقوال ضعيفة لبعض القائلين بجواز الكرامات، وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.

وأما المنقول: فالدليل على المعتزلة المانعين لجملة الكرامات قد قدمناه في الفصل الأول من القرآن والأخبار والآثار، والدليل على أصحاب الأقوال الضعيفة من المجوزين لها سأذكره من أقوال أئمة الأصول المحققين النظار المدققين".

وقال في ص (٤٢٨):

"وقال بعض المشايخ أيضًا لمنكر عليه من الفقهاء في قراءته: لئن لحنت في قراءة القرآن لقد لحنت أنت في الإيمان، وذلك أنه لما أنكر عليه وخرج من عنده قصده السبع فغشي عليه من خوفه لضعف إيمانه وقلة ثقته بالله تعالى، إذ السبع كلب من الكلاب ودابة من الدواب التي لا يتحرك شيء منها إلا بإذن رب الأرباب، ولا يجري شيء من الوجود إلا بما سبق به القضاء في أم الكتاب وفي معنى ذلك قلت (ثم ساق أبيات له).

قلت: وقد تقدم قول المشايخ العارفين بالله: أقل عقوبة المنكر على الصالحين أن يحرم بركتهم، قالوا: ويخشى عليه سوء الخاتمة، نعوذ بالله من سوء القضاء.

وتقدم أيضًا قول الشيخ العارف بالله تعالى الإمام معدن العلوم والأسرار، ناصر الشريعة والحقيقة صاحب كتاب الأنوار رضي الله تعالى عنه: من رأيتموه يزدرى بالأولياء، وينكر مواهب الأصفياء، فاعلموا أنه محارب لله، مبعود مطرود عن حقيقة قرب الله تعالى.

وقال الشيخ الكبير العارف بالله تعالى الشهير أبو تراب النخشبي رضي الله تعالى عنه: إذا ألف القلب الإعراض عن الله صحبته الوقيعة في أولياء الله تعالى.

وقال الشيخ الجليل العارف بالله تعالى شاه بن شجاع الكرماني رضي الله تعال عنه: ما تعبد متعبد بأكبر من التحبب إلى الأولياء، لأن محبة أولياء الله تعالى دليل على محبة الله عزَّ وجلَّ.

وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري رضي الله تعالى عنه: وقبول قلوب المشايخ لمريد أصدق شاهد لسعادته، ومن رده قلب شيخ من الشيوخ فلا محالة يرى غب ذلك ولو بعد حين، ومن خذل بترك حرمة الشيوخ فقد أظهر رقم شقاوته وذلك لا يخطئ انتهى كلامه.

قلت: وقد أدرك توفيق الله سبحانه جماعة منكرين عليهم من الفقهاء والنساك، وأنقذهم من العمى والعقوبة بعد ما أشرفوا على الهلاك، فصاروا منهم معتقدين لهم ومنتسبين إليهم، بعد ما طال معاداتهم لهم وإنكارهم عليهم، ومطاعنين دونهم بعد ما كانوا طاعنين فيهم.

قلت: وليس بين المنكر عليهم وبين ترك الإنكار من الفقهاء والجهال إلا أن يذوق راح المحبة التي ذاقوا عند مشاهدة الجمال، فيصير صوفيًا شاء أو أبي، ويخلع العذار وينشد لسان حاله ما قاله شارب العقار:

سقوني وقالوا لا تغنى ولو سقوا ... جبال حنين ما سقونى لغنت