للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عنوان الشباب وتطلب الآداب أحب أن أتعلق من كل علم بسبب وأن أضرب فيه بسهم فربما حضرت بعض مجالسهم وأنا مغتر بهم طامع أن أصدر عنه بفائدة أو كلمة تدلي على خير أو تهدي لرشد فأرى من جرأتهم على الله تبارك وتعالى وقلة توقيهم وحملهم أنفسهم على العظائم لطرد القياس أو لئلا يقع انقطاع ما أرجع معه خاسرًا نادمًا.

وابن قتيبة في هذه القاعدة الجليلة سائر على منهج السلف الصالح الذين ذمُّوا علم الكلام وحذروا منه".

القاعدة السادسة:

ابن قتيبة يعتبر أن ما وصف الله به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - على الحقيقة لا على المجاز يدل على هذه القاعدة قوله: (وذهب قوم في قول الله وكلامه إلى أنه ليس قولًا ولا كلامًا على الحقيقة وإنما هو إيجاد للمعاني وصرفوه في كثير من القرآن إلى المجاز وقد تبين لمن قد عرف اللغة أن أفعال المجاز لا تخرج منها المصادر ولا تؤكد بالتكرار: والله تعالى يقول: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} النساء: ١٦٤، فوكد بالمصدر معنى الكلام ونفى عنه المجاز وقال: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} النحل: ٤٠، فوكد القول بالتكرار ووكد المعنى بإنما) (١).

وعقد رحمه الله بابا في كتابه تأويل مُشكل القرآن بعنوان: (باب القول في المجاز) واستعرض فيه صورًا كثيرة من أساليب المجاز ولم يورد فيه شيئًا من آيات الصفات أو أحاديثها مما يدل على أنه يرى أن صفات الله تعالى على الحقيقة لا على المجاز (٢).

وهذه القاعدة سلفية ولا شك. يقول الحافظ ابن عبد البر: (أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة في الكتاب والسنة وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لم يكيفوا شيئًا من ذلك) (٣) ".

القاعدة السابعة:

"ابن قيبة يجري نصوص الصفات على ظاهرها مع اعتقاده أن ظاهرها يليق بالله ولا يشبه صفات المحدثات يدل على هذا قوله: (الواجب علينا أن ننتهي في صفات لله إلى حيث انتهى في صفته أو حيث انتهى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا نزيل اللفظ عما تعرفه العرب ونضعه عليه ونمسك عما سوى ذلك (٤). ثم إن ابن قتيبة عقد بابا في كتابه تأويل مشكل القرآن بعنوان (باب مخالفة ظاهر اللفظ معناه) وعدد من ذلك أشياء ليس فيها شيء من نصوص الصفات فدلّ على أنه يرى إجراءها على ظاهرها. وهذه القاعدة مشهورة عند علماء السلف".

ثم قال مؤلف الكتاب (ص ١٥٧ - ١٧٢) وفي معرض كلامه عن بعض صفات الله سبحانه وتعالى، ناقلًا قول ابن قتيبة أو معتقده في تلك الصفات:


(١) ملخصًا من مشكل القرآن (١١١، ١٠٦).
(٢) تأويل مشكل القرآن (١٠٣ - ١٣٤).
(٣) العلو للذهبي (١٨٢).
(٤) اختلاف اللفظ (٢٣٧).