للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشبهات، وتكلف الأجوبة عما لم يقع من السؤالات، ويرون صرف العناية إلى الاستحثاث على البر والتقوى، وكف الأذى، والقيام بالطاعة حسب الاستطاعة، وما كانوا ينكفون -رضي الله عنهم- عما تعرض له المتأخرون عن عي وحصر، وتبلد في القرائح، هيهات، قد كانوا أذكى الخلائق أذهانًا، وأرجحهم بيانًا .. ".

٥ - حيرته في مسألة العلو -وقصته مع الهمذاني مشهورة-، وقد صرح بالحيرة في هذه المسألة في النظامية بعد كلام طويل.

٦ - رجوعه عن علم الكلام، وهو من الأمور المشهورة التي لا ينازع فيها إلا من يحمل في قلبه تعصبًا أعمى للأشاعرة وعلومهم الكلامية، ومن أقواله في رجوعه:

أ- ما رواه الفقيه غانم الموشيلي: سمعت الإمام أبا المعالي يقول: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما اشتغلت بالكلام".

ب- ما حكاه أبو الفتح الطبري الفقيه قال: دخلت على أبي المعالي في مرضه، فقال: اشهدوا على أني قد رجعت عن كل مقالة تخالف السنة، وأني أموت على ما يموت عليه عجائز نيسابور".

جـ - وروي عنه أنه قال: "قرأت خمسين ألفًا في خمسين ألفًا، ثم خليت أهل الإسلام بإسلامهم فيها وعلومهم الظاهرة، وركبت البحر الخضم، وغصت في الذي نهى أهل الإسلام، كل ذلك في طلب الحق، وكنت أهرب في سالف الدهر من التقليد، والآن فقد رجعت إلى كلمة الحق، عليكم بدين العجائز، فإن لم يدركني الحق بلطيف بره، فأموت على دين العجائز، ويختم عاقبة أمري عند الرحيل على كلمة الإخلاص: لا إله إلا الله، فالويل لابن الجويني".

د- وقال أبو الحسن القيرواني الأديب -وهو من تلاميذ الجويني-: سمعت أبا المعالي بقول: "يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما اشتغلت به".

وقد حاول السبكي رد هذه الأقوال المروية عن الجويني بأساليب معهودة عند السبكي حين يتعلق الأمر بالطعن علي الأشاعرة.

٧ - رجوع الجويني في النظامية:

اشتهر عن الجويني أنه رجع في النظامية وأبرز ما رجع فيه مسألتان:

أ- مسألة القدرة الحادثة وقوله: إنها مؤثرة بعد أن كان يرى أنها غير مؤثرة -وقد سبقت الإشارة إلى ذلك-.

ب- مسألة الصفات الخبرية، فإنه قال: "اختلفت مسالك العلماء في الظواهر التي وردت في الكتاب والسنة، وامتنع على أهل الحق اعتقاد فحواها، وإجراؤها على موجب ما تبتدره أفهام أرباب اللسان منها، فرأى بعضهم تأويلها وإلتزام هذا المنهج في آي الكتاب وما يصح من سنن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب تعالى، والذي نرتضيه رأيًا، وندين الله به عقلًا اتباع صلف الأمة، فالأولى الاتباع وترك الابتداع، والدليل السمعي القاطع في ذلك: أن إجماع الأمة حجة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة.

وقد درج أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم