للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يتوقف إذًا إثبات حدث الجواهر على إثبات الأعراض، هكذا قال ابن مجاهد والقاضي رضي الله عنهما، فاستبان بما قلناه أنه لا يتوقف العلم بحدث العالم على العلم بثبوت الأعراض، فإن المقصد يثبت دون ذلك".

فالجويني يصرح هنا بأن دليل حدوث العالم لا يتوقف على دليل حدوث الأعراض، ولكنه لما أخذ يرد على الكرامية في مسألة القول بأن الله جسم قال: "وسبيل الكلام أن يسألوا عن دلالة حدث العالم، فإن ترددوا فيها، ولم يستقلوا بإيرادها بأن عجزهم عن قاعدة الدين، وأصل المعارف، فإن السبيل الذي به تتوصل إلى معرفة المحدث ثبوت الحدث، وإن راموا ذكر الدلالة على حدث الأجسام، لم يطردوا دلالة إلا نقرر عليهم مثلها في الجسم الذي حكموا بقدمه"، ومن أصول أدلة حدوث العالم عند الجويني أن الجواهر لا تخلو من الأعراض.

فالجويني في رده على الكرامية سد طرق إثبات حدوث العالم إلا بطريق حدوث الأجسام والأعراض، وهو هناك في رده على خصوم الأشعري يصرح بأنه لا يتوقف إثبات حدوث الجواهر على حدوث الأعراض؟ .

وقد رجح الجويني في إثبات الصانع ادعاء الضرورة في أن هذا العالم لا بد له من خالق دون الدخول في طرائق الاستدلال، يقول الجويني بعد كلام ومناقشات حول ما ذكره الأشعري من أدلة إثبات الصانع وأن هذا الكون لا بد له من خالق كما أن البناء لا بد من بان والكتابة لا بد لها من كاتب-: "قال- عبد الملك بن عبد الله: أسد الطرق عندي في المسألة ادعاء الضرورة، ومن لم يسلك هذا المسلك أولًا اضطرته الحاجة إلى سلوكه آخرًا"، وهذا الذي يدعي فيه الجويني الضرورة كتب حول الاستدلال له كلامًا طويلًا.

٢ - حيرته في مسألة هل المعدوم مأمور؟ وقد تقدم كلامه في ذلك حين قال: وهذا مما نستخير الله تعالى فيه.

٣ - في مسألة قدرة العبد ذكر في الشامل والإرشاد ولمع الأدلة أنه لا تأثير لها كما هو مذهب جمهور الأشاعرة ثم رجع في النظامية إلى أن لها تأثيرًا.

٤ - ومن الأمور المهمة رجوعه في نظرته إلى السلف، فإنه قال في كتابه -الكافية في الجدل- في الجواب عن الاعتراض الذي يقول: إن السلف لم يستخدموا بعض أنواع القياس في الرد على الخصم فقال بعد ذكر عدة أجوبة: "وأيضًا فإنهم [أي السلف] لما علموا أنه قد يكون بعدهم من لعل الله سبحانه يخصه بجودة قريحة، وزيادة فهم، وفطنة وذكاء ... لم يطولوا واقتصروا على النبذة والإشارة"، فهذه العبارات توحي بتجهيل وسلبية للسلف، لكنه يقول عنهم في الغياثي الذي ألفه بعد النظامية فهو من آخر كتبه -موصيًا مغيث الدولة الذي هو نظام الملك- قائلًا: "والذي أذكره الآن لائقًا بمقصود هذا الكتاب أن الذي يحرص الإمام عليه جمع عامة الخلق على مذاهب السلف السابقين، قبل أن نبغت الأهواء، وزاغت الآراء، وكانوا -رضي الله عنهم- ينهون عن التعرض للغوامض والتعمق في المشكلات، والإمعان في ملابسة المعضلات، والاعتناء بجمع