إجماع أرباب الأصول - ويعني بهم أصحاب أصول العقيدة - على عصمة الرسل قبل الوحي من الشرك قطعًا - وكذا الكبائر بالتبعية - وينبذ قول من حكى عنهم خلاف ذلك ويعرض عن ذكره لتطرفه الجامع. ثم نجده يفرع على القول بالعصمة قبل الوحي وجوه المراد بالإيمان. ثم نجده أخيرًا يرجح الرأي القائل بأن نبينا - صلى الله عليه وسلم - كان يعبد الله قبل البعثة على دين الخليل - عليه السلام - على الرأي القائل بعبادته على دين المسيح عليه السلام. وقد حكى القولين في النص الأول بدون ترجيح بينهما، ومن ثم لم يخرج الواحدي في هذا المبحث الذي عرضه في هذين النصين عن النمط التقريري الذي يعني فيه بعرض الموضوع وإبراز جوهره في ضوء النص القرآني ومن خلال الآراء الي تناولته، وكأنه يعالج مبحثًا تفسيريًا عاديًا، فلا نجده يتخذ المسلك الجدلي الذي يقف فيه موقف المناظر المحاج بالرهان والحاسم وبالدليل. وهذا المسلك التقريري معلل في رأيي أما باستواء الحجة على أطراف القضية استواء يبعث على تجاهل الخصم كما في مبحثي الوحدانية والرؤية وإما بعدم وجود الخصم المنازع، واعتبار الرأي محل إجماع غالبًا كما في مبحث العصمة.
وأما عن النمط الجدلي الكلامي في تفسير الواحدي: فإننا نجده يمثل الطابع العام الغالبي، فلقد وقف الواحدي في تفسيره موقف المدافع الكفء والنصير المبرز لمذهب أهل السنة والأشاعرة، وتعقب خصومه المعتزلة في آرائهم وأصولهم الاعتقادية التي حاولوا أن يطوعوا نصوص التنزيل لإقرارها والاحتجاج لها" أ. هـ.
قلت: لقد أكثر الدكتور جودة المهدي من الإطراء على تفسير الواحدي الأشعري، في عباراته السابقة حول جعل الواحدي كأنه من حماة أهل السنة والجماعة في وقته، على النقيض مما نراه من سوء المعتقد والكلام والبدع التي فيه، وعلى الرغم من أن الدكتور قد يكون على نهج الواحدي إلا أننا ذكرنا ما سبق للفائدة، ومعرفة عقيدة صاحب الترجمة - الواحدي - بقول من يهتم به، ويرفع شأنه وبعد ذلك سنذكر قول شيخ الإسلام ابن تيمية في الواحدي وتفسيره ... والله تعالى الموفق.
• مجلة الحكمة (العدد السابع صفحة ٢٢٠) نقل كلام ابن تيمية في تفسير الواحدي حيث قال: (أكثر المواطن التي ذكر فيها شيخ الإسلام الثعلبي ذكر فيها تلميذه الواحدي ونلخص بعض ما قاله شيخ الإسلام:
أ. مجموع الفثاوى (١٣/ ٣٥٤): (الواحدي صاحبه (الثعلبي) كان أبصر منه بالعربية".
ب. مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٥٤): "أبعد عن السلامة واتباع السلف -أي من الثعلبي".
جـ. منهاج السنة (٧/ ٣٥٥): "إن تفسير الواحدي فيه كذب".
د. منهاج السنة (٧/ ٤٣٤): "ذكر أمثلة من الكذب منها حديث في فضائل سور القرآن في بداية كل سورة".
هـ. منهاج السنة (٧/ ١٢): "ذكر أن الواحدي كشيخه حاطب ليل".
و. الرد على البكري (١٤): "أن الواحدي كشيخه لا يميز بين الصحيح والضعيف والغث والسمين".