للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليه كما قال: {الْرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥].

هذا رأي الطبري في مسألة العلو والإستواء، وهذه النصوص تدل على استقرار هذه المسألة وفق مذهب السلف عند تلامذة الأشعري.

ج - يتاول أَبو الحسن الطبري النصوص الواردة في الضحك والعجب، والفرح، ففي صفة الضحك الواردة في الأحاديث يذكر المعاني الجازية للضحك مثل قول العرب ضحكت الأرض إذا تبدي نباتها، وضحك طلع النخل إذا بدا كافوره، ويقال هذا طريق ضاحك أي ظاهر واضح، ثم يقول: "فمرجع الضحك في هذا كله إلى البيان، ومعنى الخبر والله أعلم بالمراد يضحك الله أي يبين الله ثواب هذين الرجلين المقتولين .. فإذا وجدنا للضحك معنى صحيحًا تعرفه العرب في لغتها غير الكشر عن الأسنان عند حلول التعجب منه كان إضافة ذلك إلى ربنا سبحانه أولى مما أضافت إليه المشبهة، نعوذ بالله من الحيرة في الدين وهو ولي المعونة"، وهذا تأويل واضح لهذه الصفة، وفي صفة العجب يذكر عدة تأويلات منها: أن معنى عجب ربك أي عظم عنده، وقيل معناه رضي وأثاب، وقيل: جازاه على عجبه، ولا يذكر إثبات هذه الصفة كما يليق بجلال الله وعظمته، كما يؤول الفرح بالرضا.

د - أما الصفات الاختيارية التي تقوم بالله تعالى كالنزول والمجيء والإتيان فيتاولها ولا يثبتها كما يليق بحلال الله وعظمته، وهذا بناء على نفي حلول الحوادث، يقول عن النزول: "ولا يجوز حمل ذلك على النزول والنقلة ... لما فيه من تفريغ مكان وشغل آخر، والقديم قد جل أن يكون موصوفًا بشيء من ذلك، كذلك وقد حكى الله تعالى عن إبراهيم - عليه السلام - أنه قال: {لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} [الأنعام: ٧٦] واحتجاجه بهذه الآية هنا هو احتجاج جمهور الأشاعرة الذين يزعمون أن إبراهيم - عليه السلام - استدل بتغير وتحرك النجم على أنه لا يصلح أن يكون إلهًا، وبنوا على ذلك نفي حلول الحوادث بذات الله تعالى، ويقول أَبو الحسن الطبري عن الإتيان والمجيء: "فإن قيل: فما تقول في قوله تعالى: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: ٢٦] وفي قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: ٢٢] وفي قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: ٢١٠] قيل له: إن الله سبحانه قد صح أنه لا يجوز وصفه بالإتيان والمجيء الذي بمعنى الانتقال والزوال، إذ كان ذلك من صفات الأجسام تعالى الله أن يكون جسمًا أو عرضًا، وكلام العرب واسع له ظهر وبطن لاتباع العرب في المجازات وطرق الكلام، ومعنى البيان في قوله: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ} الاستئصال في الهلاك والدمار بإرسال العذاب وأما قوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ} فمعناه جاء حكم ربك وأمر بك، ألا ترى أن الخاص والعام يقول ضرب الأمير زيدًا، كان كان الأمير لم يباشر زيدًا بالضرب، بل كان ذلك بأمره وحكمه عليه، وقد قال الله تعالى في قصة لوط {فَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنَهُمْ} [القمر: ٣٧] كان كان الطمس للأعين للملائكة بأمر الله. وأما قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} فمعناه هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله