ومن مقدمة تفسير الماوردي، بقلم: خضر محمّد خضر صفحة (ك) من المقدمة، قال تحت عنوان: الماوردي ليس معتزليًا (ذكر ابن الصلاح في طبقاته أن الماوردي كان يتهم بالإعتزال وقال إنه قد: "وجده في بعض المواضع يختار قول المعتزلة، وما بنوه على أصولهم الفاسدة، ومن ذلك مصيره في سورة الأعراف إلى أن الله سبحانه وتعالى لا يشاء عبادة الأوثان. وقال في قوله تعالى:{وَكَذلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًا شَيَاطِنَ الإِنْسِ وَالْحِنِّ}: "في قوله .. جعلنا وجهان: أحدهما معناه حكمنا بأنهم أعداء. والثاني: تركناهم على العداوة فلم نمنعهم منها".
ثم هو ليس معتزليًا مطلقًا، فإنه لا يوافقهم في جميع أصولهم مثل خلق القرآن على ما دل عليه تفسيره في قوله عَزَّ وَجَلَّ:{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} وغير ذلك، ويوافقهم في القدر وهي البلية التي غلبت على البصريين وعيبوا بها قديمًا".
وقد نقل كلام ابن الصلاح الذهبي في ميزان الاعتدال وابن السبكي في طبقاته وغيرهما.
والحق أن الماوردي لم يكن معتزليًا وإنما هو مجتهد، وقد يؤدي به اجتهاده إلى موافقة المعتزلة في بعض الفروع، بل أن ابن الصلاح لم تتأكد عنده هذه التهمة، وهو ينقل عن الماوردي كثيرًا من المسائل الفقهية باستفاضة.
وذكر النووي أن الماوردي يخالف المعتزلة في أمور كثيرة منها: أن الجنة مخلوقة كما يقول أهل الجنة. ومنها: أن القرآن لا ينسخ بالسنة وهو رأي الشافعي، والمعتزلة يقولون إنه ينسخ بالسنة المتواترة. ومنها: أن القرآن ليس بمخلوق، ومنها أن كل حكم شرعي قابل للنسخ خلافًا للمعتزلة. وغير ذلك كثير. فالماوردي شافعي المذهب وقد وافقت آراؤه مذهب الشافعي في كل قضايا التوحيد وفي الفقه وأصوله ونظرًا لعلو مكانته الفقهية نراه يتسلم زعامة الشافعية في عصره.
يقول ابن حجر العسقلاني: لا ينبغي أن يطلق عليه اسم الإعتزال" أ. هـ.
ثم نذكر قول محمّد عبد القادر حسين الكفراوي صاحب الرسالة الجامعية "تحقيق أَبواب من كتاب البيوع من الحاوي" للماوردي، وتحت عنوان اتهام الماوردي بالاعتزال (ص ٤٣): (وثمة اتهام بالإعتزال وجه إلى الماوردي يستحق منا في البحث مناقشة هذه القضية والوقوف على مدى هذا الإتهام؟ .
لقد ذكر بعض المؤرخين الذين ترجموا للماوردي أنه كان يميل إلى الإعتزال وذكر ياقوت أنه كان شافعيًّا في الفروع معتزليًا في الأصول وبعضهم نفى عنه صفة الإعتزال، ومعظم الذين اتهموا الماوردي بالإعتزال نقلوا عن الشيخ تقي الدين بن صلاح الذي ولد بعد وفاة الماوردي بقرن وربع من الزمن فقد ولد ابن الصلاح (سنة ٥٧٧ هـ) بينما توفي الماوردي (سنة ٤٥٠ هـ) وتوفي ابن الصلاح (سنة ٦٤٣ هـ) وقبل مناقشة هذه القضية لنرى ما كتبه ابن الصلاح واتهم به الماوردي: ... هذا الماوردي - عفا الله عنه - يتهم بالإعتزال وقد كنت لا اتحقق من ذلك عليه وأتاول له، واعتذر عنه في كونه يورد في تفسيره في الآيات التي يختلف فيها أهل التفسير، تفسير