للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الشرك وبرئوا من النفاق، وهذا فاسد لأنه قد يكون كذلك وهو فاسق، إنما خص به المتقين وإن كان هدى لجميع الناس لأنهم آمنوا به وصدقوا بما فيه).

وقال في قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: ٧]: (والختم: الطبع، ومنه ختم الكتاب.

وفيه أربع تأويلات: أحدهما - وهو قول مجاهد - أن القلب مثل الكف فإذا أذنب العبد ينضم جميعه ثم يطبع عليه بطابع. والثاني: أنها سمة تكون علامة فيهم تعرفهم الملائكة بها من بين المؤمنين. والثالث: أنه إخبار من الله تعالى عن كفرهم وإعراضهم عن سماع ما دعو إليه من الحق، تشبيهًا بما قد سد وختم عليه فلا يدخله. والرابع: أنها شهادة من الله على قلوبهم بأنها لا تعي الذكر ولا تقبل الحق، وعلى أسماعهم بأنها لا تصغي إليه. والغشاوة: تعاميهم عن الحق. وسمي القلب قلبًا لتقلبه بالخواطر، قال الشاعر:

ما سمي القلب إلا من تقلبه ... والرأي يصرف والإنسان أطوار

والغشاوة: الغطاء الشامل).

وقد عقد السبكي في ترجته للماوردي فصلًا مقتضبًا حول تفسيره، نقل فيه عن ابن الصلاح قوله: (هذا الماوردي عفا الله عنه يتهم بالإعتزال، وقد كنت لا أتحقق ذلك عليه وأتاول له وأعتذر عنه، في كونه يورد في تفسيره في الآيات التي يختلف فيها أهل التفسير، تفسير أهل السنة وتفسير المعتزلة غير متعرض لبيان ما هو الحق منها، وأقول: لعل قصيدة إيراد كل ما قيل من حق أو باطل، ولهذا يورد من أقوال المشبهة أشياء مثل هذا الإيراد! ! حتى وجدته يختار في بعض المواضع قول المعتزلة وما بنوه على أصولهم الفاسدة، ومن ذلك مصيره في "الأعراف" إلى أن الله لا يشاء عبادة الأوثان، وقال في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: ١١٢] وجهان في "جعلنا" أحدهما معناه حكمنا بأنهم أعداء، والثاني: تركناهم على العداوة فلم نمنعهم منها).

ثم حمل على تفسيره حملة شديدة فقال: (وتفسيره عظيم الضرر لكونه مشحونًا بتأويلات أهل الباطل تلبيسًا وتدسيسًا على وجه لا يفطن له غير أهل العلم والتحقيق، مع أنه تأليف رجل لا يتظاهر بالإنتساب إلى المعتزلة! ! بل يجتهد في كتمان موافقتهم فيما هو لهم فيه موافق). وختم كلامه بقوله: إن الماوردي ليس معتزليًا مطلقًا! لأنه لا يوافق المعتزلة في جميع أصولهم مثل خلق القرآن، ويوافقهم في القدر، قال: (وهي البلية التي غلبت على البصريين وعيبوا بها قديمًا).

وأيًا ما كان الأمر فإن الماوردي وضع تفسيره على أصول المعتزلة ومنهجهم في التفسير، سواء أخالفهم في بعض المسائل أم لا، وسواء أجاهر فيه بالاعتزال أم لا، وإن كنا لا ندري ما هو "حد" الجهر عند ابن الصلاح.

ولدينا اليوم من هذا التفسير أكثره:

١ - جزء من أول القرآن، مع مقدمة المؤلف وفصول أخرى صدر بها الكتاب، منها فصلٌ في مسألة نزول القرآن على سبعة أحرف، وفصل في إعجاز القرآن، وينتهي هذا الجزء بانتهاء سورة الأنعام.