للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إتيان العذاب في الغمام؟ قلت: لأن الغمام مظنة الرحمة، ومنه ينزل المطر، فإذا نزل منه العذاب، كان أعظم وأفظع، وقيل: إن نزول الغمام علامة لظهور القيامة وأهوالها (١).

وقال عند قوله تعالى من سورة الأنعام: {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ}.

يعني للحكم، وفصل القضاء بين الخلق يوم القيامة وقد تقدم الكلام في معنى الآية في سورة البقرة عند قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} بما فيه كفاية، وأن المجيء والذهاب على الله لمحال فيجب إمرارها بلا تكييف.

وقال عند قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} اعلم أن هذه الآية من آيات الصفات التي سكت عنها وعن مثلها عامة السلف وبعض الخلف، فلم يتكلموا فيها، وأجروها كما جاءت من غير تكييف، ولا تشبيه، ولا تأويل وقالوا: يلزمنا الإيمان بها، وإجراؤها على ظاهرها، وتأولها بعض المتأخرين وغالب المتكلمين، فقالوا: ثبت بالدليل العقلي أن الحركة على الله محال فلا بد من تأويل الآية فقيل: في تأويلها: وجاء أمر ربك بالمحاسبة والجزاء وقيل: أمر ربك وقضاؤه وقيل: جاء دليل آيات ربك، فجعل مجيئها له تفخيمًا لتلك الآيات (٢). انظر الرد على القرطبي.

تفسير آية الكرسي:

قال عند قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}.

{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} فيقال فلان وسع الشيء سعة، إذا احتلمه، وأطافه، وأمكنه القيام به، وأصل الكرسي في اللغة، من تركب الشيء بعضه على بعض ومنه الكراسة لتركب بعض أوراقها على بعض، والكرسي في العرف اسم لما يقعد عليه، سمي به لتركب خشبانه بعضها على بعض.

واختلفوا في المراد بالكرسي هنا على أربعة أقوال:

أحدها: أن الكرسي هو العرش نفسه، قال الحسن: لأن العرش هو الكرسي اسم للسرير الذي يصح التمكن عليه.

القول الثاني: أن الكرسي غير العرش وهو أمامه، وهو فوق السموات السبع ودون العرش.

قال السدي: إن السموات والأرض في جوف الكرسي كحلقة ملقاة في فلاة والكرسي في جنب العرش كحلقة في فلاة.

وعن ابن عباس أن السموات السبع في الكرسي كدارهم سبعة ألقيت في ترس، وقيل: إن كل قائمة من قوائم الكرسي طولها مثل السموات والأرض وهو بين يدي العرش ويحمل الكرسي أربعة أملاك، لكل ملك أربعة وجوه ثم ذكر القصة التي ذكرها البغوي.

القول الثالث: أن الكرسي هو الإسم الأعظم لأن العلم يعتمد عليه كما أن الكرسي يعتمد


(١) تفسير الخازن: (١٩٨/ ١).
(٢) تفسير الخازن: (٢٤٦/ ٧).