للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في ملكه، والمتقلبون في نعمه، فلما خص الله آدم - عليه السلام - بقوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} دون خلقه علم بذلك اختصاصه وتشريفه على غيره ثم ختم البحث بقوله فثبت بهذا البيان قول من قال: إن اليد صفة لله تعالى تليق بجلاله وأنها ليست بجارحة كما تقول المجسمة تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا (١).

وقال عند قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْويَّاتٌ بِيَمِينِهِ} بعدما ذكر حديث ابن مسعود: (جاء جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا محمّد إن الله يضع السماء على إصبع والأرض على إصبع). الحديث.

وحديث ابن عمر: (يطوي الله السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمني).

وحديث أبي هريرة: "يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه" قال: قال أبو سليمان الخطابي ليس فيما يضاف إلى الله عزَّ وجلَّ من صفة اليدين شمال، لأن الشمال يحمل النقص، والضعف، وقد روى كلتا يديه يمين. وليس عندنا معني اليد الجارحة إنما هي صفة جاء بها التوقيف فنحن نطلقها على ما جاءت ولا نكيفها، وننتهي إلى حيث انتهى الكتاب والأخبار المأثورة الصحيحة، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة (٢).

التعليق:

والخازن قد أطال النفس في بحث صفة اليد وقد ذهب إلى مذهب السلف ونصره وأيده في مطلع البحث وفي ختامه فجزاه الله خيرًا.

صفة الفوقية:

قال عند قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}

يعني: وهو الغالب لعباده، القاهر لهم وهم مقهورون تحت قدرته، والقاهر والقهار معناه، الذي يدبر خلقه بما يريد فيقع في ذلك ما يشق عليهم، ويثقل ويغم، ويحزن، ويفقر، ويميت، ويذل خلقه فلا يستطيع أحد من خلقه رد تدبيره، والخروج من تحت قهره وتقديره وهذا معنى القاهر في صفة الله تعالى لأنه القادر والقاهر الذي لا يعجزه شيء أراده، ومعنى {فَوْقَ عِبَادِهِ} هنا أن قهره قد استعلى على خلقه فهم تحت التسحير والتذليل، بما علاهم به من الاقتدار والقهر الذي لا يقدر أحد على الخروج منه، ولا ينفك عنه فكل من قهر شيئًا، فهو مستعل عليه بالقهر، والغلبة.

قال ابن جرير الطبري: معنى القاهر، المتعبد خلقه العالي عليهم وإنما قال: فوق عباده لأنه تعالى وصف نفسه بقهره إياهم ومن صفة كل قاهر شيئًا أن يكون مستعليًا عليه فمعنى الكلام إذا، والله الغالب عباده المذلل لهم العالي عليهم بتذليله إياهم فهو فوقهم بقهره إياهم وهم دونه وقيل: فوق عباده هو صفة الاستعلاء الذي تفرد الله به عزَّ وجلَّ (٣).

إثبات الرؤية:

قال عند قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ


(١) تفسير الخازن: (٢/ ١٠٧).
(٢) نفس المصدر السابق: (٦/ ٨٤).
(٣) تفسير الخازن: (٢/ ١٢٣).