السهروردي، والشيخ محيي الدين بن عربي فأطرق كل واحد منهما ساعة، ثم افترقا من غير كلام.
فقيل لابن عربي: ما تقول في الشيخ شهاب الدين السهروردي؟ فقال: مملوء سنة من قرنه إلى قدمه.
وقيل للسهروردي: ما تقول في الشيخ محيي الدين بن عربي؟ فقال: بحر الحقائق.
أقول -أي إبراهيم الحلبي-: (هذه الحكاية -إن صحت- حملت على ما قبل أن يصل إلى مذهب الوجودية، وإلى الإعتقادات الفاسدة التي أودعها في "الفصوص".
قال (أي السيوطي): وبلغني عن بعض الشيوخ الكبار العارفين أنَّه كان يقرأ عليه الأصحاب كلام ابن عربي ويشرحه لهم، فلما حضرته الوفاة نهاهم عن مطالعة كتب ابن عربي، وقال: ما تفهمون مراده ومعاني كلامه؟
أقول (أي إبراهيم الحلبي: إن كانوا حين شرحه لهم، فهموا معناه، فلأي شيء ينهاهم أن يشرحوا لمن يقرُ على ما فهموا؟
وإن لم يكونوا فهموه، فلأي شيءٍ كان يقرئهم، ويشرحه لهم؟
على أن ادعاء عدم فهم مراده دعوى بلا برهان، بل كلامه ظاهر المراد يُفهم بعضه بعضًا) أ. هـ.
والآن ننقل ما قاله المترجم له في كتابه "عوارف المعارف" (١/ ١٧٢)، وتحت عنوان: في ذكر خرقة المشايخ الصوفية: (لبس الخرقة ارتباط بين الشيخ وبين المريد، تحكيم من المريد للشيخ في نفسه، ولتحكيم سائغ في الشرع لمصالح دنيوية فماذا ينكر للبس الخرقة على طالب صادق في طلبه يقصد شيخًا بحسن ظن وعقيدة، يحكمه في نفسه لمصالح دينه يرشده، ويهديه، ويعرفه طريق المواجيد، ويبصره بآفات النفوس وفساد الأعمال ومداخل العدو. فيسلم نفسه إليه ويستسلم لرأيه واستصوابه في جميع تصاريفه، فيلبسه الخرقة إظهارًا للتصرف فيه: فيكون لبس الخرقة علامة التفويض والتسليم ودخوله في حكم الشيخ دخوله في حكم الله وحكم رسوله وإحياء سنة المبايعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
أخبرنا أَبو زرعة قال: أخبرني والدي الحافظ المقدسي قال: أخبرنا أَبو الحسين أحمد بن محمَّد البزاز، قال: أخبرنا أحمد بن محمَّد بن أخي محمّد قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدَّثنا عمرو بن علي بن حفظة قال: سمعت عبد الوهاب الثقفي يقول: سمعت يحيى بن سعيد يقول: حدثني عبادة بن الوليد بن عبادة الصامت، قال: أخبرني أبي عن أبيه، قال: "بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول بالحقِّ حيث كنا ولا نخاف في الله لومة لائم".
ففي الخرقة معنى المبايعة، والخرقة عَتَبة الدخول في الصحبة، والمقصود الكلي هو الصحبة، وبالصحبة يرجى للمريد كل خير.
وروى عن أبي يزيد أنَّه قال: من لم يكن له أستاذ فإمامه الشيطان.
وحكى الأستاذ أَبو القاسم القشيري عن شيخه