والأصول. ويعتبر الحجة الأول والمربي الوحيد للحوزة العلمية" أ. هـ.
• قلت: وكان إمام الحوزة العلمية في النجف حتى توفي، وإليه مرجع الشيعة في فتواهم وأمورهم الشرعية وأحوالهم العلمية والعملية وله في تأليفاته الشيء الكثير من ذكر المنهج الشيعي الرافضي في الوقت الحاضر ومن ذلك ما كتب في تفسيره الذي ذكر فيه ما يوجه المنهج الشيعي في القرآن العظيم خاصة. ونذكر هنا ما قاله مقدم كتابه (مرتضى الحكمي) حيث قال:
(وقد عالج الكتاب هذه الآيات آية آية، ونفى أن يكون في واحدة منها ناسخ من الكتاب أو السنة، كما أنكر أن يكون بين هذه الآيات المفروضة النسخ غير ما فيها من عموم وخصوص، أو مطلق ومقيد، أو تباين لا تنظر إحداهن إلى الأخرى بحال من الأحوال، مع أنه لم يتجاهل أن يكون بينها نسخ جزئي، بمعنى أن تكون إحدى هذه الآيات مقيدة -كما قلنا -أو مخصصة لآية أخرى لها صفة الشمول.
وبهذه الخطوة العلمية أطلق كثيرًا من التشريعات لتنفذ إلى مختلف العصور والأجيال، كما هو الشأن في كل التشريعات القرآنية التي تميزت بالخلود، وهي لا تقف عند زمن, ولا يستأثر بها ظرف دون ظرف.
وهذه الخطوة -بالذات- قد أحيت لنا ثروة كبرى من التشريع الإِسلامي أماتها هذا النسخ المدعى، وكان الأحرى بنا أن ننعم بها، ونصدر عنها ونعمل على وفقها في جميع الأحوال والظروف، وقد استهدف -بهذه الخطوة العلمية- أن يؤطر المسلمين ضمن تشريع قرآني موحد في أمهات المسائل والأحكام.
وقد أوضح كل ذلك بتفصيل دقيق لم يسبق له نظير في بحث: "النسخ في القرآن".
وعالج الكتاب نقطة خامسة: وهو أنه وضع منهجًا فذًّا في تفسير القرآن كفاه الاستعانة بكثير من المبادئ والعلوم، إذ هو مصدر الإشعاع لمختلف حقول المعرفة، فوضع منهجه الذي أشاد به في مقدمة الطبعة الأولى -ومشى عليه في تفسيره النموذجي لفاتحة الكتاب. وهو تفسير القرآن بالقرآن، وفهم الآية من أختها، بل فهم الكلمة القرآنية الواحدة من مختلف مواقعها في هذه الآيات، وقد اعتبر الوسيلة إلى ذلك الظهور اللفظي، ومعاضدة العقل الصحيح، والاعتماد على السنة القطعية أو المعتبرة.
وبهذه المحاولة العلمية وقف دون التفسير بالرأي، ودون التعسف في التأويل والأخذ بالقرآن إلى ما يعتمد على الظنون، والروايات المختلفة، والشواهد المهلهلة، وما إلى ذلك من الوجوه.
وقد أوضح كل ذلك في مقدمة الكتاب، وفي بحث: "أصول التفسير" من هذا المدني.
ويمتاز هذا الكتاب أيضًا بمحاولة إسلامية يستهدفها، وينشدها: تلك هي مناهضته للمنازعات المذهبية التي جعلت من القرآن مسرحا لها، مع أن آياته الباهرات جاءت هدى للناس ورحمة، تدعوهم إلى التوحيد والتماسك وتوجههم إلى حياة عقلية واحدة، تؤطر المسلمين، وتجمعهم على شريعة واحدة، لكي لا تفرق بهم