التيه كما أوضحت سر تثاقلهم عن الفعل.
٣. ما جاء في ص (٢٤١) في تفسير قوله تعالى: {وَقَال لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} [البقرة: ٢٤٧]، قال بعد أن ذكر ما اشترطه داود ليقتل جالوت: فأخذ داود مخلاة فجعل فيها ثلاث مروات يعني ثلاثة أحجار، وسمى أحجاره إبراهيم وإسحاق ويعقوب، ثم أدخل يده فقال: باسم الله إلهي وإله آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب، فخرج الذي على اسم إبراهيم فجعله في مرجمته به جالوت فخرق ثلاثًا وثلاثين بيضة على رأسه وقتل ما وراء ثلاثين ألفًا.
وهذه مبالغات ممجوجة، فمتى عهد أن يلبس المحارب ثلاثًا وثلاثين بيضة؟ وكم كان عدد جند جالوت حتى يقتل الحجر منهم ثلاثين ألفًا، قرابة ما تفعله القنبلة الذرية، وإذا كانت حفنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - التي رمى بها في وجوه المشركين يوم بدر لم تقتل أحدًا وإنما أصابت أعينهم فقط، فما بال حجر داود - عليه السلام -؟ !
وما من شك في أن هذا من نسج أهل الكتاب، وإنك لتجد مثله في سفر صموئيل الأول، إلا أن هناك أوصافًا لآلات الحرب التي يلبسها جالوت وأطوالها وأوزانها التي تنوء بحملها لبابة، وهناك أيضًا أن داود أخذ خمسة أحجار وقد ذكر:
وأخذ عصاه بيده وانتخب له خمسة حجارة ملس من الوادي وجعلها في كنف الرعاة الذي له أي في الجراب ومقلاعه بيده وتقدم نحو الفلسطيني .. ومد داود يده إلى الكنف وأخذ منه حجرًا ورماه بالمقلاع وضرب الفلسطيني في جبهته فارتز الحجر في جبهته وسقط على وجهه إلى الأرض.
وعلى ذلك فهذا مردود ولا يقبله عقل.
ومن حسن الحظ أنه لم يرد عن مجاهد بالسلسلة المعهودة وإنما جاء بعد تفسير {إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} أن طالوت كان على الجيش ثم بعث والد داود بشيء لأبنائه مع داود، ثم إن داود طلب ثمنًا لقتله جالوت ... ويمكن أن يكون هذا من خلط الرواة والنقلة.
٤. وجاء في ص (٢٤٢) أيضًا في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ٢٤٨]، وقال ابن أبي نجيح: وسمعت مجاهدًا يقول: أقبلت السكينة والورد وجبريل - عليه السلام - مع إبراهيم خليل الرحمن عَزَّ وَجَلَّ من الشام، قال مجاهد: فبلغني أن السكينة لها رأس كرأس الهرة وجناحان.
ومثل هذا أو شبهه مروي عن غير مجاهد، ففي الكشاف (١/ ٣٨٠) وفي البحر (٢/ ٢٦٢)، وعن علي - رضي الله عنه -: كان لها وجه كوجه الإنسان وفيها ريح هفافة. ومما لا شك فيه أن هذا وذاك من خيالات القصاصين من أهل الكتاب ومن لفّ لفهم.
والذي ترتاح النفس إليه ويقبله العقل ما ذكره الزمخشري من أن التابوت صندوق التوراة، وكان موسى - عليه السلام -، إذا قاتل قدمه، فكانت تسكن نفوس بني إسرائيل ولا يفرون، والسكينة: السكون والطمأنينة.
ومن عجيب أن السكينة في سورة الفتح فسرت بما فسرت به السكينة هنا، فقد جاء في ص (٦٠٧) عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: {أَنْزَلَ السَّكِينَةَ}، قال: السكينة من الله عَزَّ وَجَلَّ كهيئة