الذي كان منه إنما هو في حدود ما سمح به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرسوله معاذ حين بعثه إلى اليمن، فقد أقره على القول برأيه فيما لا نص فيه -كما سبق-.
بطلان رأي من تحاموا تفسيره:
ولست مع أستاذنا الفاضل الدكتور الذهبي فيما ذهب إليه من أن مجاهدًا أعطى نفسه حرية واسعة في القول بالرأي، لما سبق، ولا في قوله: (ولعل هذا المسلك هو الذي جعل بعض المتورعين الذين يتحرجون من القول في القرآن برأيهم يتقون تفسيره)؛ لأن الوارد أن من يتقي منهم تفسيره، إنما يتقيه لأنه يسأل أهل الكتاب. وقد رد فضيلته عليهم بقوله: ولم لا يسألهم ويخالفهم؟
موقفه من الإسرائيليات:
ندرتها في تفسيره.
بطلان رأي من تحاموا تفسيره لسؤاله أهل الكتاب.
مناقشة ما جاء منه في تفسيره.
ذكرنا من قبل أن مجاهدًا -كما يروي الرواة- كان يسأل أهل الكتاب وربما يأخذ عنهم وكان في هذا أكثر من أستاذه، مما جعل بعض العلماء يتقون تفسيره.
ولقد جاء في تفسيره بعض إسرائيليات ورد مثلها أو أكثر منها عن غيره. ولكن ما مدى هذه الإسرائيليات، وما موقفنا منها؟
إن السمة الغالبة على تفسير مجاهد سواء منه ما جاء بالمخطوطة أو ما هو مدون بالطبري أنه تفسير يعمد إلى توضيح المعنى اللغوي بأوجز عبارة مع استنباط للأحكام وذكر لسبب النزول، كما هو الحال عند ابن عباس ورفقائه من الصحابة رضوان الله عليهم.
ندرتها في تفسيره وبطلان رأي من تحاموا تفسيره:
ولكن كان بحانب ذلك قدر يسير جدًّا من الإسرائيليات لا يقلل من شأن هذا التفسير العظيم بأي حال من الأحوال، ولا يجعل الحق مع الذين كانوا يتحامون تفسيره معللين بأنه يسأل أهل الكتاب، فأين أثر ذلك في تفسيره؟
مناقشة تلك الروايات:
ولعله من الواجب أن نقف وقفة نناقش فيها هذه الروايات حتى ننقي بعون الله هذا السفر العظيم من كل شائبة، كما سأناقش ما ورد من إسرائيليات عن غيره:
١. ففي هامش ص (٢٠٠) عند تفسير قوله تعالى: {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: ٣٦]، قال: آدم وإبليس والحية، ذرية بعضهم أعداء لبعض.
وقد بينت خطأ إقحام الحية هنا، وأن ذلك مأخوذ عن اليهود؛ لأنه موجود في سفر التكوين إصحاح (٣)، كما ذكرت أيضًا لوم ابن كثير المفسرين على نقلهم مثل هذه الأخبار الإسرائيلية، وبينت رأي الزمخشري في تفسير الآية وأن المقصود: آدم وحواء.
٢. ما جاء في هامش ص (٢٠٦) عند تفسير قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: ٧١] قال: لكثرة ثمنها، أخذوها بملء مسكها ذهبًا من مال المقتول، فكان سواء لم يكن فيه فضل فذبحوها.
وقد بينت أن الواقع يبطل هذا, لأنهم كانوا في