فأجابوا بمثل ذلك. فقال:"إنا لله! ماتت الهمم، فاختصره في نحو مما اختصر التفسير .. وذكر ثابت بن سنان في تاريخه أنه إنما أخفيت حاله لأن العامة اجتمعوا ومنعوا من دفنه بالنهار وادعوا عليه الرفض ثم ادعوا عليه الإلحاد، قال المصنف كان ابن جرير يرى جواز المسح على القدمين، ولا يوجب غسلهما فلهذا نسب إلى الرفض وكان قد دفع في حقه أَبو بكر بن أبي داود قصة إلى نصر الحاجب يذكر عنه أشياء فأنكرها منها أنه نسبه إلى رأي جهم وقال إنه قائل "بل يداه مبسوطتان: أي نعمتاه فأنكر هذا وقال: ما قلته. ومنها أنه روى أن روح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خرجب سألت في كف علي فحساها فقال إنما الحديث (مسح بها على وجهه) وليس فيه حساها، قال المصنف رحمه الله وهذا أيضًا محال إلا أنه كتب ابن جرير في جواب هذا إلى نصر الحاجب: لا عصابة في الإسلام كهذه العصابة الخسيسة، وهذا قبيح منه لأنه كان ينبغي أن يخاصم من خاصمه وأما أن يذم طائفته جميعًا وهو يدري إلى من ينتسب فغاية في القبح .. " أ. هـ.
* السير: "قال الحاكم: سمعتُ حسينك بن علي يقول: أول ما سألني ابن خُزيمة فقال لي: كتبت عن محمّد بن جرير الطبري؟ قلت: لا، قال: ولم؟ قلت: لأنه كان لا يظهر، وكانت الحنابلة تمنع من الدخول عليه، قال: بئس ما فعلت، ليتك لم تكتب عن كل من كتبت عنهم، وسمعت من أبي جعفر.
قال الحاكم: وسمعتُ أبا بكر بن بالويه يقول: قال لي أَبو بكر بن خُزيمة: بلغني أنك كتبت التفسير عن محمّد بن جرير؟ قلت: بلى، كتبته عنه إملاءً، قال: كله؟ قلت: نعم، قال: في أي سنة؟ قلت: من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة تسعين ومئتين. قال: فاستعاره مني أَبو بكر، ثم رده بعد سنين، ثم قال: لقد نظرت فيه من أوله إلى آخره، وما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمّد بن جرير، ولقد ظلمته الحنابلة.
ثم قال الذهبي:"وكان ممن لا يأخذه في الله لومة لائم مع عظيم ما يُلحقه من الأذى والشناعات، من جاهل، وحاسد، وملحد، فأما أهل الدين والعلم، فغير منكرين علمه، وزهده في الدنيا، ورفضه لها وقناعته -رحمه الله- بما كان يرد عليه من حصةٍ من ضيعةٍ خلَّفها له أَبوه بطبرستان يسيرة".
ثم قال:"قلت: جمع طرق الحديث: غدير خُمّ، في أربعة أجزاء، رأيت شطره، فبهرني سعة رواياته، وجزمتُ بوقوع ذلك.
قيل لابن جرير: إن أبا بكر بن أبي داود يُملي في مناقب علي. فقال: تكبيرة من حارس. وقد وقع بين ابن جرير وبين ابن أبي داود، وكان كل منهما لا يُنصف الآخر، وكانت الحنابلة حزب أبي بكر بن أبي داود، فكَثروا وشعّبوا على ابن جرير، وناله أذى، ولزم بيته، نعوذ بالله من الهوى.
وكان ابن جرير من رجال الكمال، وشنع عليه بيسير تشيع، وما رأينا إلا الخير، وبعضهم ينقل عنه كان يجيز مسح الرجلين في الوضوء، لم نر ذلك في كتبه".
ثم ذكر قول ابن جرير في كتابه التبصير فقال:"فقال ابن جرير في كتاب "التبصير في معالم