يحيى بن آدم يقول: كان شريك لا يجوز شهادة المرجئة، فشهد عنده محمّد بن الحسن، فرد شهادته، فقيل له في ذلك، فقال: أنا لا أجيز من يقول الصلاة ليس من الإيمان. ومن طريق أبي نُعيم قال: قال أَبو يوسف: محمّد بن الحسن يكذب علي. قال ابن عدي: ومحمد لم تكن له عناية بالحديث وقد استغنى أهل الحديث عن تخريج حديثه. وقال أبي إسماعيل الترمذي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كان محمّد بن الحسن في الأول يذهب مذهب جهم. وقال حنبل بن إسحاق، عن أحمد كان أَبو يوسف [منصفًا] في الحديث. وأما محمّد بن الحسن وشيخه فكانا مخالفين للأثر. وقال سعيد بن عمرو البردعي: سمعت أبا زرعة الرَّازي يقول: كان محمّد بن الحسن جهميًا، وكذا شيخه، وكان أَبو يوسف بعيدًا من التجهم. قال زكريا الساجي: كان مرجئًا، وقال محمّد بن سعد الصوفي: سمعت يحيى بن معين يرميه بالكذب. وقال الأحوص بن الفضل العلائي، عن أبيه: حسن اللؤلؤي ومحمد بن الحسن ضعيفان. وكذا قال معاوية بن صالح، عن ابن معين. وقال ابن أبي مريم عنه: ليس بشيء ولا يكتب حديثه. وقال عمرو بن علي: ضعيف. وقال أَبو داود:[لا شيء لا يكتب حديثه. وقال الدارقطني: لا يستحق] الترك: قال عبد الله علي المديني، عن أبيه: صدوق" أ. هـ.
* قلت: قال الدكتور محمّد الدسوقي في كتابه الإمام محمّد بن حسن الشيباني وأثره في الفقه الإسلامي (١٣٦): "وفي القرن الثاني عرفت حلقات العلماء مشكلات فكرية وعلمية مختلفة أدت إلى مناظرات وجدل بينهم، وكان لبعض الخلفاء مشاركة في هذه المناظرات والانتصار لرأي دون آخر.
وكان من أهم تلك المشكلات ما أثاره جهم بن صفوان، وأخذ به المعتزلة بعد ذلك من القول بنفي صفات الله، وتأويل ما ورد في القرآن من آيات تدل على أن للهِ صفات من سمع وبصر وكلام ... إلخ، فجهم يرى أنه لا يصح وصف الله بصفة يوصف بها خلقه، لأن ذلك يقتضي التشبيه، وهو مستحيل عليه سبحانه، فليس كمثله شيء، ومن ثم لا يكون لله صفة غير ذاته.
وقد تفرع عن القول بنفي صفات الله مشكلة القول بخلق القرآن، وما نجم عنها من أحداث، وذلك لأن نفي صفة الكلام يقتضي ألا يكون القرآن قديمًا وإنما خلقه الله عَزَّ وَجَلَّ.
ولست هنا في مجال عرض هذه القضية الخطيرة، وتفصيل الحديث عنها، ولكني أردت بهذه الإشارة إليها أن أذكر أن للإمام محمّد رأيا فيها، وهو رأي يدل على تمسكه بما أخذ به السلف الصالح، ويدل أيضًا على مدى صلته بكتاب الله وفهمه له، وإلمامه بالقضايا التي أثيرت حوله. قال أحمد بن القاسم بن عطية: سمعت أبا سليمان الجوزجاني يقول: سمعت محمّد بن الحسن يقول: والله لا أصلي خلف من يقول: القرآن مخلوق. وجاء في مقدمة أصول البزدوي عن أبي يوسف أنه قال: ناظرت أبا حنيفة في مسألة خلق القرآن ستة أشهر فاتفق رأيي ورأيه على أن من قال بخلق القرآن فهو كافر، وصح هذا القول عن محمّد رحمه الله.