للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

غَيرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}: فهو حينما ينقل رواياتهم في كتبه فمن الطبيعي وجود مثل هذا الإختلاف، وبالتالي فإنه لا يدين الرجل إدانة أكيدة بعد إنكاره ولا سيما أن العبرة بالنسبة لبيان مذهبه بما رأي لا بما روي.

لقد لوحظ أن الطوسي هذا نقل في تهذيبه لرجال الكشي بعض روايات هذه الأسطورة كنقله للرواية التي تقول: "لا تأخدن معالم دينك من غير شيعتنا فإنك إن تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين الذي خانوا الله ورسوله، وخانوا أماناتهم، إنهم أؤتمنوا علي كتاب الله جل وعلا فحرّفوه وبدّلوه .. ". كما أنه قد نقل بعض أخبار هذه الأسطورة علي أنها قراءة في تفسير التبيان (١).

ولكن يري أن كل هذه الروايات من قبيل روايات الآحاد التي لا يعتمد عليها -كما ذكره في إنكاره- ولا تدفع ما تضافر من رواياتهم التي توجب العمل بالقرآن والرجوع إليه عند التنازع.

أما صاحب فصل الخطاب فقد اختلفت أقواله في توجيه هذا الإنكار الذي يقلقه لمخالفته لمذهبه فهو مرة يري أن هذا القول لا يمثل إلا رأي الطوسي وفئة قليلة من الشيعة معه يقول: " .. إنه ليس فيه حكاية إجماع عليه بل قوله: نصره المرتضي صريح في عدمه، بل في قلة الذاهبين إليه"، ثم يرجع ويقول: بان هذا القول منه تقية، لأن هذا الإنكار جاء في تفسير التبيان "ولا يخفي علي المتأمل في كتاب التبيان أن طريقته فيه علي نهاية المداراة والمماشاة مع المخالفين" ويعلل ذلك باستناده لأقوال أئمة أهل السنة في التفسير، ولا يكاد يجزم بهذا الحكم كما يشعر به قوله" وهو -أي نقل الطوسي لأقوال أئمة أهل السنة- بمكان من الغرابة لو لم يكن علي وجه المماشاة فمن المحتمل أن يكون هذا القول -يعني إنكار التحريف- منه (من الطوسي) فيه (في تفسير البيان) علي نحو ذلك (أي من المدارة والتقية).

ومن ثم يتجه وجهة أخرى ويشير إلي أن في كلام الطوسي تناقضًا يشعر أنه تقية فقال: "إن أخباره بأن ما دل علي النقصان روايات كثيرة يناقض قوله لكن طريقه الآحاد إلا أن يحمل علي ما ذكرنا" أي من التقية.

ثم يعرض عن هذا كله ويقول إن الطوسي "معذور (في إنكاره) لقلة تتبعه الناشيء من قلة تلك الكتب عنده".

هذا جانب من حيرة الطبرسي في أمر الطوسي وغيره من المنكرين لهذه الفرية، فإذا كان هذا أمر شيوخهم لا يكادون يقفون علي حقيقة مذهب


(١) كما في تفسيره لقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالمِينَ} قال وفي قراءة أهل البيت {وآل محمّد علي العالمين} وهذا تلطف في التعبير، أو محاولة للتغيير في أساطيرهم التي تنص أن هذه ليست قراءة وإنما هي من باب التحريف بفعل الصحابة كما يفترون (وسيأتي ذكر نصوصها بعد قليل في مناقشة الطبرسي). وهذا التغيير قد يكون الهدف منه التستر علي الفضيحة، أو محاولة لإنتشال طائفة من قومه من تلك الوهدة التي تردوا فيها بفعل تلك الأساطير وربما يكون ما عند الطوسي هو الأصل والزيادات التي تصرح بالتحريف هو من جعل شيوخ الدولة الصفوية.
لكن يرد علي ذلك أن تلك الروايات موجودة في كتب معاصرة للطوسي أو أقدم كتفسير القمي والعياشي وفرات، إلا إذا قلنا إن الشيعة يغيرون في كتب قدمائهم كما فعلوا في كتاب سليم بن قيس.