للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أشخاص المجتمع وإرادتهم.

هذا في النظام الوضعي الإعتباري الذي عندنا، وهو لا محالة مأخوذ من نظام التكوين، والباحث عن النظام الكوني يجد أن الأمر فيه علي هذه الشاكلة؛ فالحوادث الجزئية تنتهي إلي علل وأسباب جزئية، وتنتهي إلي أسباب أخرى كلية حتى تنتهي الجميع إلي الله سبحانه غير أن الله سبحانه مع كل شيء وهو محيط بكل شيء، وليس كذلك الملك من ملوكنا الحقيقية ملكه تعالي واعتبارية ملك غيره.

ففي عالم الكون علي اختلاف مراحله مرحلة تنتهي إليها جميع أزمة الحوادث الملقاة علي كواهل الأسباب، وأزمة الأسباب علي اختلاف أشخاصها وأنواعها، وترتب مراتبها هو المسمي عرشًا كما سيجيء، وفيه صور الأمور الكونية المدبرة بتدبير الله سبحانه كيفما شاء، وعنده مفاتح الغيب.

فقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} كناية عن استيلائه علي ملكه وقيامه بتدبير الأمر قيامًا ينبسط علي كل ما دق وجل، ويترشح منه تفاصيل النظام الكوني ينال به كل ذي بغية بغيته، وتقضي لكل ذي حاجة حاجته، ولذلك عقب حديث الاستواء في سورة يونس في مثل الآية بقوله: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} إذ قال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} [يونس: ٣].

وقال في (٢٠/ ١١٢): وقوله {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} خبر بعد خبر لوجه، و {إِلَى رَبِّهَا} متعلق بناظرة قدم عليها الإفادة الحصر أو الأهمية.

والمراد بالنظر إليه تعالي ليس هو النظر الحسي المتعلق بالعين الجسمانية المادية التي قامت البراهين القاطعة علي استحالته في حقه تعالي بل المراد النظر القلبي ورؤية القلب بحقيقة الإيمان علي ما يسوق إليه البرهان ويدل عليه الأخبار المأثورة عن أهل العصمة عليهم السلام وقد أوردنا شطرًا منها في ذيل تفسير قوله تعالى {قَال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيكَ} [الأعراف: ١٤٣]، وقوله تعالي {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١)} [النجم: ١١].

وقال في (٢٠/ ٢٨٤): "قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} نسبة المجي إليه تعالي من المتشابه الذي يحكمه قوله تعالى {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} [الشورى: ١١]، وما ورد في آيات القيامة من خواص اليوم كتقطع الأسباب وارتفاع الحجب عنهم وظهور أن الله هو الحق المبين وإلي ذلك يرجع ما ورد في الروايات أن المراد بمجيئه تعالي مجيء أمره قال تعالي: {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار: ١٩]، ويؤيد هذا الوجه بعض التأيد قوله تعالي {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ} [البقرة: ٢١٠] إذا انضم إلي قوله {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ} [النحل: ٣٣]، وعليه فهناك مضاف محذوف والتقدير جاء أمر ربك أو نسبة المجيء إليه تعالي من المجاز العقلي" أ. هـ.

وفاته: سنة (١٤٠٢ هـ) اثنتين وأربعمائة وألف.

من مصنفاته: "الميزان في تفسير القرآن"، و "علي والفلسفة الإلهية"، و "أسس الفلسفة والمذهب الواقعي" وغير ذلك.