يُزيِّن هذا الأشعري مقاله ... ويقشبه بالسم يا شر قاشبِ
فينفي تفاصيلًا ويثبت جملةً ... كناقضةٍ من بعد شد الذوائبِ
يؤول آيات الصفات برأيه ... فجرأته في الدين جرأة خاربِ
ويجزم بالتأويل من سنن الهدى ... ويجلِبُ أغمارًا فاشئمْ بخالبِ
وهذا كلام من لا يستحي من الله، والغرض على كلامه لائح، فإن أهل البدع، الذين هم أهل البدع حقًّا بلا خلاف بين المحدثين والفقهاء، هم المجسمة، والمعتزلة، والقدرية، [و] هم المجسمة والجهمية، والرافضة، والمرجئة، لم يشتغل بهم إلا في بيتين، وأطال في الأشاعرة، ولا يخفى أن الأشاعرة إنما هم [نفس] أهل السنة أو هم أقرب النّاس إلى أهل السنة.
ثم إن قوله "مقال الأشعري، تخنث" من ردئ الكلام، ومن أعظم الافتراء. ويعجبني من كلام الشيخ كمال الدين بن الزملكاني، في رده على ابن تيمية، قوله: إن كانت الأشاعرة الذين فيهم القاضي أبو بكر الباقلاني، والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، وإمام الحرمين، والغزالي، وهلم جرا، إلى الإمام فخر الدين، مخانيث، فليس بعد الأنبياء والصحابة فحل.
وأقول: إن كان هؤلاء أغمارًا، والأشعري يخلبهم، فليس بعد الأنبياء والصحابة فطن، فيالله والمسلمين!
ثم قال، يعني الأشعري.
ولم يك ذا علمٍ ودينٍ وإنما ... بضاعته كانت مخوق مداعب
وفي هذا البيت من الكذب ما لا يخفى على لبيب، فإن أحدًا من الطوائف لم ينكر علم الأشعري، بل اتفقوا على أنه كان أوحد عصره، لا يختلف في ذلك لا من ينسبه إلى السنة، ولا من ينسبه إلى البدعة ..
وأما دينه فاتفقوا على زهده وورعه.
ثم قال:
وكان كلاميًا بالأُحْساء موته ... بأسوأ موتٍ ماته ذو السوائبِ
وهذا أيضًا كذب، لم يبلغنا أنه مات إلا كما مات غيره من الصالحين، ولم يمت بالأحساء.
ثم قال:
كذا كل رأسٍ للضلالة قد مضى ... بقتلٍ وصلبٍ باللحى والشواربِ
كجعدٍ وجهمٍ والمريسى بعده ... وذا الأشعري المبتلى شرُّ دائبِ
فقبحه الله، ما أجراه على الله، أي بليةٍ ابتلى بها الأشعري، وقد مات على فراشه حتف أنفه، ومات يوم مات والمسلمون باكون، وأهل السنة ينوحون، وأي صلبٍ أو قتلٍ كان، وكيف يجمع بينه وبين جعدٍ وجهمٍ والمريسى، وهؤلاء ثلاثة لا يختلف في بدعتهم، وسوء طريقتهم؟ وما أبرد هذا الشعر، وأسمجه!
ثم قال هذا البيت: