للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في بعض الأحاديث: تارة بالضعف وتارة بالوضع، مع أنها أحاديث صحيحة رواها البخاري ومسلم، وهما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى بإجماع أهل العلم، كما أنها لم تأخذ بأحاديث الآحاد الصحيحة الثابتة، في كل ما هو من قبيل العقائد، أو من قبيل السمعيات مع أن أحاديث الآحاد في هذا الباب كثيرة لا يستهان بها".

* قلت: كما تكلم صاحب كتاب "التفسير والمفسرون" عن الإمام محمّد عبدة كمفسر، فتكلم عن الكتب التي ألفها كتفسير، ثم تطرق إلى منهجه في التفسير فقال:

(منهجه في التفسير:

كان الأستاذ الإمام هو الذي قام وحده من بين رجال الأزهر بالدعوة إلى التجويد، والتحرر من قيود التقليد، فاستعمل عقله الحر في كتاباته وبحوثه، ولم يجر على ما جمد عليه غيره من أفكار المتقدمين، وأقوال السابقين، فكان له من وراء ذلك آراء وأفكار خالف بها من سبقه، فأغضبت عليه الكثير من أهل العلم، وجمعت حوله قلوب مريديه والمعجبين به.

هذه الحرية العقلية، وهذه الثورة على القديم، كان لهما أثر بالغ في المنهج الذي نهجه الشيخ لنفسه، وسار عليه في تفسيره.

وذلك: أن الأستاذ الإمام اتخذ لنفسه مبدءًا يسير عليه في تفسير القرآن الكريم، ويخالف به جماعة المفسرين المتقدمين، وهو فهم كتاب الله من حيث هو دين يرشد النّاس إلى ما فيه سعادتهم في حياتهم الدنيا وحياتهم الآخرة: وذلك لأنه كان يرى أن هذا هو المقصد الأعلى للقرآن، وما وراء ذلك من المباحث فهو تابع له، أو وسيلة لتحصيله (١).

يقرر الأستاذ الإمام هذا المبدأ في التفسير، ثم يتوجه باللوم إلى المفسرين الذين غفلوا عن الغرض الأول للقرآن، وهو ما فيه من هداية وإرشاد وراحوا يتوسعون في نواح أخرى من ضروب المعاني، ووجوه النحو، وخلافات الفقه، وغير ذلك من المقاصد التي يرى الأستاذ الإمام أن الإكثار في مقصد منها يخرج بالكثيرين عن المقصود من الكتاب الإلهي، ويذهب بهم في مذاهب تنسيهم معناه الحقيقي (٢).

لهذا نرى الأستاذ الإمام يقسم التفسير إلى قسمين:

أحدهما: جاف مبعد عن الله وكتابه، وهو ما يقصد به حل الألفاظ، وإعراب الجمل، وبيان ما ترمى إليه تلك العبارات والإشارات من النكت الفنية. قال: وهذا لا ينبغي أن يسمى تفسيرًا. وإنما هو ضرب من التمرين في الفنون، كالنحو، والمعاني، وغيرها.

وثانيهما: ذهاب المفسر إلى فهم المراد من القول، وحكمة التشريع في العقائد والأحكام، على الوجه الذي يجذب الأرواح، ويسوقها إلى العمل والهداية المودعة في الكلام، ليتحقق فيه معنى قوله تعالى {هُدًى وَرَحْمَةً} ونحوهما من الأوصاف قال الأستاذ الإمام: (وهذا هو الغرض


(١) تفسير المنار (١/ ١٧).
(٢) نفس المرجع (١/ ١٨).