للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مختصرًا.

ففي معرض تعريفه بالشيخ يقول: "وقد بلغ كره محمّد عبده للسياسة أوجه حين قال: "أعوذ بالله من السياسة، من لفظ السياسة، ومن معنى السياسة، ومن ساس ويسوس، وسائس ومسوس".

والحقيقة أنه ترك السياسة ولم تتركه، بل استغلته واتخذته مطية لها عن طريق المعتمد البريطاني كرومر الذي يقول: "إن أهمية الشيخ -محمد عبده- السياسية ترجع إلى أنه يقوم بتقريب الهوة التي تفصل بين الغرب وبين المسلمين، وأنه هو وتلاميذ مدرسته، خليقون بأن يقدم لهم كل ما يمكن من العون والتشجيع فهم الحلفاء الطبيعيون للمصلح الأوربي".

"لقد كان محمّد عبده يبذل للإنجليز النصيحة خالصة ويرشدهم إلى ما يوطد اختلاطهم، وقد صرح كرومر بأن الشيخ سيظل مفتيًا في مصر ما ظلت بريطانيا العظمى محتلة لها".

وقدم له الإنجليز الحماية، فصدر العفو عنه بسبب الضغط البريطاني وفي الآستانة كثرت الدسائس ضده. يقول محمّد رشيد رضا:

"كان المراد من الدسائس أن يحبس الأستاذ الإمام أو يهان، وهم لا يجهلون أن السفارة البريطانية كانت بالمرصاد، وَأنها لا تسكت للحكومة الحميدية على ذلك لو أقدمت عليه، والسلطان ورجاله لا يجهلون هذا أيضًا".

ومما يؤخذ على الشيخ محمّد عبده أيضًا: اشتراكه مع أستاذه الأفغاني في المحافل الماسونية، ونشاطه فيها، وتعاونه مع أستاذه في نشر مبادئه.

وكان الشيخ محمّد عبده، هو الذي صاغ برنامج الحزب الوطني المصري، وجاء فيه: "الحزب الوطني حزب سياسي ديني، وإنه مؤلف من رجال مختلفي العقيدة والمذاهب، وجميع النصارى واليهود وكل من يحرث أرض مصر ويتكلم لغتها منضم إليها).

ثم شرع في الكلام عن منهجه وآرائه:

١ - للشيخ محمّد عبده منهجه وآراءه الإصلاحية: إذ يتجلى منهجه في التفسير بأنه يتناسب مع المعارف الغربية السائدة في العصر، فهو يفسر الطير الأبابيل بأنها جراثيم الجدري، أو الحصبة يحملها نوع من الذباب أو البعوض، والنفاثات في العقد بأن المراد فيها: النمامون المقطعون لأوامر الألفة.

٢ - وفي بعض فتاوى الشيخ، نجد محاولة لتأويل أحكام الفقه تأويلًا عصريًا يبرر لواقع الحضارة الغربية، ومن أهم فتاواه في ذلك: حل إيداع الأموال في صندوق التوفير، وأخذ الفائدة عليها، وفي رأيه في تعدد الزوجات، إذ يرى أن الظروف والملابسات السائدة في المجتمع تجعل من المستحيل العدل بين النساء، ولا بد من منع تعدد الزوجات إلا في حالات استثنائية يقررها القاضي.

٣ - دعا إلى تحرير الفكر من التقليد، وأن يفهم الدين على طريقة السلف قبل ظهور الخلاف، ذلك أنه عاصر شيوخًا في مصر جمدوا على التقليد وتنكروا للدليل، وحاربوا كل جديد، ولو كان نافعًا للمسلمين، وآمنوا بالخرافة والشعوذة، فجاءت المدرسة الإصلاحية لتطفئ النار بالنار، وتدفع الغلو بغلو آخر.