للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أوجدت على ما يظهر في أذهان بعض المسلمين فكرة (التوسل) أي الاستشفاع بالأنبياء وعباد الله الصالحين من أموات وأحياء لدى الله والإقسام عليه بحقهم بقضاء مطالب متنوعة من دفع ضرر وجلب نفع على اعتبار أنهم من الوسائل التي حثت الآية على ابتغائها إليه، وبلغ الأمر أن صاروا يشدون الرحال إلى قبور الأنبياء وغيرهم من أولياء الله وينذرون لهم النذر ويقسمون على الله أن يحقق مطالبهم، وقد استشرت هذه العادة عند المسلمين في القرون المتأخرة، ثم تحدث عن محاربة الإمام محمّد بن عبد الوهاب وابن تيمية لهذه البدع والخرافات الشركية ونقل من كتاب ابن تيمية "التوسل والوسيلة".

وأما في الأمور التشريعية فله رأي كغيره من المفسرين في هذا العصر -في الجهاد- إذ يرى أنه للدفاع وهو أشد هؤلاء المفسرين تقريرًا وتأكيدًا على هذه الفكرة، انتقده الشهيد سيد قطب. وإليك ما قاله في تعليقه على آية: ١٩٢ من سورة البقرة "وقد احتوت قواعد تشريعية خطيرة في هذا الباب غدت روح المبادئ الجهادية الإسلامية وضابطها وهي:

١ - واجب المسلمين في قتال الذين يقاتلونهم وحسب.

٢ - عدم جواز بدئهم أحدًا غير عدو وغير مُعْتدٍ بقتال.

٣ - واجب كفهم عن القتال حال ما ينتهي موقف العدو المعتدي إلى حالة مستقرة من إسلام أو عهد وسلم.

٤ - اعتبار فتنة الكفار للمسلمين عن دينهم وأذيتهم وتعطيل الدعوة الإسلامية وحريتها سببًا ومبررًا لقتال كل من يقف مثل هذه المواقف حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله (١). ثم يقول "أي أن إجبار المسلمين على الارتداد عن دينهم أشد نكاية من القتل والقتال وأكثر تبريرًا للقتال حتى لو سلمنا جدلًا أن الآية تأمر بقتال الأعداء حتى ينتهوا عن شركهم ويسلموا فإن ذلك بالنسبة للأعداء الذين يقاتلون المسلمين والذين يحق للمسلمين أن يحددوا الشروط التي يكفون بها عنهم" أ. هـ.

وتكلم محمّد بن عبد العزيز السديس أيضًا حول قول صاحب الترجمة في معاهدة المشركين كما في سورة التوبة، وكيف جعل الله تعالى حكمته في تلك الآيات في معاهدة المشركين. وأشار صاحب الترجمة (إلى الحكم التشريعية من التحريم والتحليل ويرد على انتقادات المغرضين من أعداء الإسلام الخارجين الممتزجين بالمسلمين من أبناء جلدتهم وهم ركيزة للأعداء في بلادهم ويسميهم بالأغيار) (٢)، فقد ردَّ على المغرضين في إباحة تعدد الزوجات، ودفاعه على حكم الله تعالى ورخصته وتحليله لها، وأيضًا تكلم على ميراث الأنثى وإنصافه سبحانه لها، وفي حكم الله تعالى بقطع يد السارق، وتحريم الخمر، وغيرها من أحكام الله تعالى في كتابه العزيز ورد صاحب الترجمة على من يعارض تلك الأحكام ويجعل منها غرضًا انتقص من الشريعة الإسلامية الغراء.

قال السديس رأيه في الكتاب -أي "التفسير


(١) التفسير الحديث: (٧/ ٢٩٦).
(٢) الدراسات القرآنية المعاصرة: (ص ١١٤)، وما بعدها.