للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأخرى سديدة في أمور الاعتقاد والتشريع فأما في الأمور الاعتيادية فله رأيان مجافيان للصواب فيما اطلعت عليه وأمكنني معرفته من آرائه، فهو أولًا يرى: "أن يحمل التعبير بالعرش على المجاز المعتاد استعماله في اللغات البشرية. كما يقول: "إن في القرآن آيات نسبت إلى الله اليد واللسان والروح والنزول والمجيء والقبضة مما هو منزه عن مفهوماتها المادية. ومما هو بسبيل التقريب والتشبيه وهذا وذاك من باب واحد" (١).

ويقول في صدد الكرسي أن أظهر الأقوال وأكثرها انسجامًا مع صفات الله. استعمالها على سبيل المجاز. فيقول: "ولقد تعددت الأقوال في صدد الكرسي كما هو الأمر في صدد العرش واللوح والقلم ومنها ما جاء فيه أوصاف مادية لا تخلو من غرابة ولا تنسجم مع صفات الله وتنزهه وليست متصلة بحديث وثيق السند. وأظهر الأقوال وأكثرها انسجامًا مع صفات الله أن الكلمة مستعملة على سبيل المجاز، وأن المقصود منها بيان عظمة ملك الله وسلطانه والله أعلم" (٢).

فالمؤلف يرى أن الكرسي والعرش مستعملة استعمالًا مجازيًا؟ وأنا أقول ما المانع والمحذور الشرعي أو العقلي من استعمالها على الحقيقة. قال صاحب "كتاب متشابه القرآن" في رد هذا القول: "وقد وصف الله نفسه ونعته رسوله - صلى الله عليه وسلم - بآيات وأحاديث تزيد على آيات وأحاديث الأحكام أو تقرب منها. فمن حملها على غير ظاهرها أو المجاز أو الكناية فليحمل آيات الأحكام وأحاديثها وغيرها على غير ظاهرها أو على المجاز والكناية، وعليه ألا يعيب على من فعل ذلك كبعض الباطنية وبعض الصوفية المارقين عن الإسلام، إذ لا فرق بين ذلك عند من له أدنى معرفة بكلام الله ورسوله ولسان العرب الذي نزل به القرآن، وإلا فهو تحكم بغير علم ولا عقل يسوغ له ذلك، ولا عذر له عند الله فيما قلد فيه من قبله مع وضوح الدليل وقدرته على أخذه والوصول إليه.

والله يهدينا ويهدي قومنا إلى سواء السبيل، ويجمع كلمتنا على كتابه" (٣).

أما الرأي الثاني فهو رأيه في سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ يقف حائرًا من حديث سحر لبيد بن الأعصم اليهودي للرسول مع وروده في الصحيحين ومع معرفته بأنه وارد في الصحيحين إذ صرح بوروده في الصحيحين ومع ذلك وقف حائرًا ظنًّا منه أن ذلك يؤثر في نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤) وليس كذلك فإن سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يؤثر فيه إلا من ناحية الأمور الدنيوية فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه يأتي الشيء فإذا هم به لم يستطع وخاصة فيما يتعلق بالنساء.

غير أن المؤلف مع هذا يحارب وينقد البدع والخرافات الشركية التي وقع فيها جهلة المسلمين فعند تفسيره لآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. قال: (وجملة) {وَابْتَغُوا إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ}


(١) التفسير الحديث (١/ ٢٥٨).
(٢) التفسير الحديث (٧/ ٣٨٢).
(٣) بيان متشابه القرآن (١٩/ ٢٠).
(٤) التفسير الحديث (١/ ١٩٩).