النسائي وداسوا بطنه في جامع دمشق حتى مات شهيدًا كانوا من الخوارج وما تصنع الخوارج في جامع دمشق والخوارج أعدى الناس لمعاوية فهل يمكن أن يفعلوا هذا بالنسائي انتصارًا له بل هم من أمثال من جعل الحديث الذي أورده النسائي من جملة المناقب.
وفي الترجمة المطبوعة بمصر على ظهر سنن النسائي الصغرى: وجرى عليه بعض الحفاظ فقال مات ضربًا بالأرجل من أهل الشام حين أجابهم لما سألوه عن فضل معاوية ليرجحوه على علي بقوله ألا يرضى معاوية رأسًا برأس حتى يفضل وفي رواية ما أعرف له فضيلة إلا لا أشبع الله بطنه وكان يتشيع فما زالوا يضربونه بأرجلهم حتى أخرج من المسجد ثم حمل إلى مكة فمات مقتولًا شهيدًا. وقال الدارقطني إن ذلك كان بالرملة وكذا قال العبدري إنه مات بالرملة بمدينة فلسطين انتهى ما على ظهر السنن (أقول) الظاهر أن ذلك جرى له بدمشق فقال لهم احملوني إلى مكة فحمل إليها فتوفي بالرملة في طريقه إلى مكة وأوصى قبل موته أن يحمل إلى مكة فحمل إليها أو أنه حمل إلى الرملة ثم إلى مكة فمات بها جمعًا بين الروايات فلذلك وقع الاشتباه من حمله إلى الرملة وموته بها أنه دفن بها أو من حمله إليها أنه مات ودفن بها والله أعلم" أ. هـ.
• قلت: لقد ذكرنا سابقًا أن علماء الشيعة وخاصة منهم الأخباريون والمؤرخون لا يجدون ملجأ إلى جعل علماء المسلمين في مذهب التشيع إلا لجئوا إليه، حتى لو كان ذلك طائفٌ من قول أو فعل أو عمل من كتاب وغيره، وهذا ما كان مع الإمام شيخ الإسلام النسائي صاحب السنن كما كان مع غيره من الأئمة الكبار إن صح ذلك وجعل مثل النسائي في مصاف مذهبهم إذن فلماذا لم يأخذوا من سننه الحديث ويعتمدوا عليه؟ أليس هو أحد المنتسبين لهم -على زعمهم- وما خالفوا ما أرادوه إلا هوى في أنفسهم لصد عن سبيل الله تعالى، وأما تشيع النسائي وما قيل عنه، وكما أوردناه آنفًا، لعله خوفًا من الفتنة وهو أقرب إلى الصواب، وأما اعتقاد المذهب فهو بعيد وما قاله الذهبي: "قليل التشيع وانحرف عن خصوم الإمام علي كمعاوية وعمرو .. " أ. هـ.
ولعله لرؤيته قرب الحق من علي رضي الله عنه ومن اتبعه، وما كان عليه الناس في وقت النسائي على التفريق بين من جعل له ميلًا إلى فرقة ما وخاصة أهل الشام الذين غلوا في حب معاوية والتنقص -بعضهم- من علي رضي الله عنه لذلك كان التهوين في الأمر، وما كان عليه النسائي إلا امتحان وفتنة قال الدارقطني نقلًا من تذكرة الحفاظ (٧٠١/ ٢): "خرج حاجًا فامتحن بدمشق وأدرك الشهادة" أ. هـ. وما كان ما قاله العلماء إلا لما صار إليه الإمام شيخ الإسلام النسائي من سوء ظن الناس أبداه وألفه في كسر الفتنة.
وأيضًا نود أن نشير إلى ما قاله مركز السنة للبحث العلمي في مقدمة تفسير النسائي ففي (١/ ٦٩) قالوا: "أما عقيدته فهي عقيدة أهل السنة، يتبين ذلك واضحًا جليًا من خلال ما نقل عنه، ومن خلال مؤلفاته التي تركها ويؤكده ما نقله طلابه عنه وأقرانه ومن عايشوه خصوصًا كتاب الإيمان وشرائعه من المجتبى من سننه".