للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التساؤل بقوله: "ويمكن تفسير وجوه الشبه بينهما في الآراء بأنه يرجع إلى تشابه منهج كل منهما إلى حد ما في التوسط بين العقل والنقل"، وهذا التفسير تحصيل حاصل، لأن السؤال يرد مرة أخرى: لماذا كان منهج كل منهما أدي إلى التوسط بين العقل والنقل؟ ، الحقيقة أنه ليست هناك إجابة واضحة لهذا التساؤل، وإن كان انتشار المذهب الكلابي في العراق والري وخراسان -كما في قصة ابن خزيمة مع الكلابية- ما يدفع إلى القول باحتمال أن يكون هذا المذهب الذي ظهر فيه تلامذة -تناءت بهم الديار- قد انتشر أيضًا في بلاد ما وراء النهر، خاصة وأن تلك المنطقة كانت كما يقول المقدسي تغص بمختلف الطوائف والفرق، ولذلك فمن المحتمل أن يكون الماتريدي أو أحد شيوخه قد تلقي هذا المذهب عن بعض أعلام أو اتباع الكلابية.

٢ - تطور المذهب الأشعري -كما سيأتي- وكان تطوره بالقرب من مذهب المعتزلة أو بالالتصاق بالفلسفة أو التصوف، أما المذهب الماتريدي فلم يقع فيه تطور، بل بقيت أقوال الماتريدي -الذي لم يحدث له تطور كما حدث للأشعري- هي المعتمدة لدى متأخري المتريدية كأبي المعين النسفي، ونجم الدين أبي حفص النسفي، ونور الدين الصابوني، وابن الهمام، وغيرهم، فهؤلاء وإن كان قد يقع لبعضهم مخالفة لمذهب شيخهم، إلا أن الأمر لا يصل إلى مستوى التطور الذي حدث للمذهب الأشعري.

٣ - اهتم العلماء ببيان الفروق بين المذهبين، وقسموا الفروق أحيانًا إلى لفظية ومعنوية.

٤ - على الرغم من وجهود الفروق بين مذهبي الأشاعرة والماتريدية، وقسموا الفروق أحيانًا إلى لفظية ومعنوية.

٤ - على الرغم من وجهود الفروق بين المذهبين إلا أنه قد وقع نوع امتزاج بينهما، ومن أبرز الأمثلة على ذلك:

أ- ما فعله ابن الهمام في كتابه المشهور "المسايرة" حيث اعتمد على كتاب الرسالة القدسية -وهي المسماة قواعد العقائد التي ألفها الغزالي لأهل القدس، ثم أدخلها ضمن إحياء علوم الدين- وكان هدف ابن الهمام أن يختصر كتاب الغزالي إلا أنه بعد أن بدأ بالكتابة رأي أن يزيد عليه زيادات مهمة، ولم يزل يزيد فيها -كما يقول- "حتى خرج عن القصد الأول، فلم يبق إلا كتابًا مستقلًا، غير أنه يسايره في تراجمه، وزدت عليها خاتمة ومقدمة"، ولذلك سمى كتابه بالمسايرة، فابن الهمام اعتمد على أحد كتب الأشاعرة، وهذا وحده كاف للتدليل على ما كان بين المذهبين من تقارب، لذلك فابن الهمام، وإن ذكر قول الأشعري -بناء على ما في كتاب الغزالي- إلا أنه أعقبه بذكر مذهب الماتريدي، انظر كأمثلة على ذلك مسألة سماع موسى لكلام الله وهل سمع الكلام النفسي أم يستحيل أن يسمع ما ليس بصوت، وفي مسألة صفات الأفعال لله، وصفة التكوين، والعجيب في هذه المسألة أن ابن الهمام ذكر قولي الماتريدية والأشعرية، ثم رجح قول الأشعرية معتمدًا على أن مذهب أبي حنفية وأصحابه الذين ذكر عقيدتهم الطحاوي يخالف ما ذهب إليه الماتريدي ومن جاء بعده، وقد تعقب ابن الهمام شارحو كتابه وضعفوا ما