الله تعالى ولم تجعل للخلق فيها حقيقة البتة، وأما على من يسميهم بالحشوية حين يستثنون في الإيمان، أما مسألة الفرق بين الإيمان والإسلام فيرجح أنهما بمعنى واحد.
هذه أهم أقوال وآراء الماتريدي، والتي وردت مفصلة في تفسيره وفي كتاب التوحيد، وبالمقارنة بين أقواله وأقوال أبي الحسن الشعري يتبين أنهما قد اتفقا في بعض المسائل الأصولية مثل إثبات بعض الصفات، ومنع حلول الحوادث، وصحة دليل حدوث الأجسام، والكسب، وغيرها، ومع ذلك فبينهما عدة فروق أهمها:
أ- أن الماتريدي قال: بأزلية صفة التكوين لله تعالى ولم يفرق بين صفات الذات والفعل.
ب- وإنه يقول: بأن موسى سمع الصوت المخلوق حين كلمه ربه تعالى.
جـ- وفي مسألة العلو والاستواء، فالماتريدي ينفي العلو ويؤول الاستواء أو يفوضه، بخلاف الأشعري الذي يثبت العلو والإستواء -وإن روي عنه في الإستواء معنى آخر.
د- قال الماتريدي بالتحسين والتقبيح العقلي، والأشعري قال بالشرعي فقط.
هـ- قول الماتريدي بالحكمة والتعليل، بخلاف الأشعري.
و- منع الماتريدي تكليف ما لا يطاق، بخلاف الأشعري الذي جوزه.
ز- وفي الكسب -مع قوله به كما يقول الأشعري- إلا أنه مال إلى إعطاء العبد حرية في الاختيار، ولذلك فقدرة العبد عنده مؤثرة بخلاف الأشعري.
ح- وفي الإيمان قال إنه التصديق وهذا ما قال به الأشعري، إلا انه خالفه في دخول الأعمال في الإيمان وجواز الاستثناء فيه، وهذان منعهما الماتريدي.
ط- أما رؤية الله فقد أثبتها الماتريدي سماعًا فقط، أما الأشعري فاستدل مع أدلة السمع بدليلين عقليين، أحدهما الوجود، والآخر أن الله يرى الأشياء.
ثانيا: مقارنة بين الأشعرية والماتريدية:
تكون على إثر الأشعري مذهب الأشعرية، وعلى إثر الماتريدي مذهب الماتريدية ولكل من المذهبين أعلامه ورجاله، وكتبه ومتونه العقدية، ومع غلبة المذهب الأشعري في العالم الإسلامي وانتشاره، إلا أن المذهب الماتريدي بقي متميزًا نوعًا ما، ولعل ارتباط كل واحد من المذهبين بمذهب فقهي مخالف للآخر كان له أثر في ذلك.
وليس المقصود هنا متابعة التطور الذي حدث لأحدهما أو كليهما، ولا تفصيل المقارنة بين المذهبين، ولكن يمكن الإشارة بإجمال إلى الملاحظات التالية:
١ - تبين أنه لم يكن هناك لقاء بين الأشعري والماتريدي، إذ لم يجمعهما مكان ولا حتى منطقة معينة، فالأشعري عاش ومات في العراق، والماتريدى عاش ومات في بلاد ما وراء النهر، كما لم يجمعهما شيخ أو شيوخ تتلمذوا على أيديهم، والسؤال الذي يطرح هنا هو: إذا كان الأمر كذلك فيم يفسر التوافق بين الرجلين في المنهج والموقف من المعتزلة وممن يسمونهم بالمشبهة؟ أحد الباحثين أجاب بعد إيراد هذا