أمارات الحدث التي بها عرف حدث العالم"، وبعد أن يؤصل الماتريدي هذا الأصل يذكر الأقوال في الاستواء من أنه بمعنى الاستيلاء أو العلو والارتفاع، أو التمام، ثم يرجح التفويض لاحتماله أحد هذه المعاني أو غيرها فيقول: فيجب القول بالرحمن على العرش استوى، على ما جاء به التنزيل، وثبت ذلك في العقل، ثم لا تقطع تأويله عن شيء، لاحتماله غيره مما ذكره، واحتماله أيضًا ما لم يبلغنا مما يعلم أنه غير محتمل شبه الخلق" والعجيب أنه يفسر ذلك على مسألة الرؤية.
٧ - ينكر الماتريدي أن يكون الله في جهة العلو، ويؤول بعض الأدلة مثل رفع الأيدي إلى السماء تأويلات عجيبة، ولذلك فهو يثبت الرؤية ويرى أن الاستدلال لها بالسمع وحده، والرؤية عنده تكون بلا مقابلة.
٨ - يقول بأن الله فاعل مختار على الحقيقة، وهو خالق كل شيء، والعبد مختار لما يفعله وهو فاعل كاسب، وبعد أن يذكر تولي الجبرية والقدرية يقول:"والعدل هو القول بتحقيق الأمرين"، ثم يذكر الفرق في أحوال العبد بين أفعاله الاضطرارية والاختيارية.
٩ - يقسم الماتريدي قدرة العبد واستطاعته إلى قسمين:"أحدهما: سلامة الأسباب وصحة الآلات، وهي تتقدم الأفعال .. الثاني: معنى لا يقدر على تبين حده بشيء يصار إليه سوى أنه ليس إلا للفعل، لا يجوز وجوده بحال إلا ويقع به الفعل عندما يقع معه"، والقدرة الثانية هي التي لا تكون إلا مع الفعل -وهذا قول الأشعري- وقد رد الماتريدي على المعتزلة في قولهم:"إنها تكون قبل الفعل"، ومما سبق يتضح أن كسب الماتريدي يعطي العبد الاختيار، وهذا ما يخالف -قليلًا- كسب الأشعري، والماتريدي أيضًا يقول بأنه لا يجوز تكليف ما لا يطاق.
١٠ - والماتريدي يميل إلى القول بالتحسين والتقبيح العقلي، كما يثبت والتعليل والحكمة في أفعال الله تعالى، وهذا الأمران يخالف فيهما الأشعري.
١١ - والإيمان عند الماتريدي هو التصديق، ومحله القلب، ويستدل لذلك بدليل السمع والعقل، ويري التفريق بين التصديق والمعرفة، ويعقد لذلك مسألة مستقلة، وهو بهذا يرد على الجهمية القائلين بأن الإيمان هو المعرفة.
والماتريدي يرد على القائلين بأن الإيمان قول باللسان، كما يرد على الذين يدخلون الأعمال في مسمى الإيمان، وعلى ضوء ذلك فالماتريدي يمنع دخول العمل في الإيمان.
١٢ - ويوافق الماتريدي أهل السنة في حكم مرتكب الكبيرة، ولذلك فهو يرد على المعتزلة والخوارج في ذلك، ويقرن ذلك بمسألة الشفاعة، وأنها رد عليهم.
١٣ - وفي موضوع "الإرجاء" المنسوب إلى الحنفية عقد الماتريدي له مسألة مستقلة، ذكر فيها ما ورد من الأقوال فيه -حيث إن كل طائفة تتهم الأخرى بالإرجاء- كما دافع عما نسب إلى القائلين بعدم دخول الأعمال في مسمى الإيمان من أنهم مرجئة، ويقول: إن تهمة الإرجاء واقعة